سورة الفتح
هي مدنية، وآياتها تسع وعشرون، نزلت بعد سورة الجمعة.
هي مدنية، وآياتها تسع وعشرون، نزلت بعد سورة الجمعة.
وترتيبها
بالمصحف 48 بين سورتى "محمد" و " الحجرات
وتسمت بسورة الفتح نسبة لأول آية من السورة :
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّا فَتَحْنا لَكَ
فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما
تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطًا مُسْتَقِيمًا (2)
وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (3)
(والفتح: إزالة الأغلاق، وفتح البلد: دخوله
عنوة أو صلحا، والمراد بالفتح هنا صلح الحديبية (والحديبية بئر).. وبه اختلط
المشركون بالمسلمين وسمعوا كلامهم فتمكن الإسلام من قلوبهم وأسلم في ثلاث سنين كثيرون وجاءوا إلى مكة في عشرة آلاف ففتحوها
.. مبينا: أي بيّنا ظاهرا
وقيل فتح مكة وقيل صلح الحديبية :
أولا هو فتح لما فيه من المصلحة، ولما أدى إليه فقد روى
عن ابن مسعود رضي الله
عنه أنه قال: إنكم تعدون الفتح فتح مكة ونحن نعدّ الفتح صلح الحديبية.
صلح الحديبية
نزلت هذه السورة الكريمة في ذي القعدة من سنة
ست من الهجرة،بعد صد المشركين للمسلمين عن
الوصول إلى المسجد الحرام وحالوا بينهم وبين قضاء العمرة ، ثم مالوا إلى المصالحة
والمهادنة، وأن يرجع الرسول والمسلمون فيما بعد، فأجابهم صلى
الله عليه وسلم ..
وكره ذلك جماعة من الصحابة كعمر ابن الخطاب
رضي الله عنه
(وروى البخاري « أن رسول الله ﷺ كان يسير
في بعض أسفاره وعمر بن الخطاب كان يسير معه ليلا، فسأله عمر عن شيء فلم يجبه، ثم
سأله فلم يجبه، ثم سأله فلم يجبه، فقال عمر: ثكلتك أمك يا عمر، كررت على رسول الله
ﷺ ثلاث مرات، كل ذلك لا يجيبك، قال عمر: فحركت بعيري حتى تقدمت أمام الناس وخشيت
أن ينزل في قرآن، فما لبثت أن سمعت صارخا يصرخ بي، فقلت لقد خشيت أن يكون نزل في
قرآن، فجئت رسول الله ﷺ فسلمت عليه
فقال: لقد أنزلت علي سورة لهى أحب إلي مما طلعت
عليه الشمس، ثم قرأ « إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا ».)
-وجاء هذا فى صحيح مسلم عن قتادة عن أنس بن مالك-
وعُد هذا الصلح فتحا لما فيه من
المصلحة، ولما أدى إليه
وتبدلت حال المسلمين وبعد أن خالطهم الحزن
والكآبة وكانوا قد نحروا الهدى بالحديبية
(روى
البخاري من حديث قتادة قلت لسعيد بن المسيّب: كم كان الذين شهدوا بيعة الرضوان؟
قال خمس عشرة مائة، والمشهور الذي رواه غير واحد أنهم كانوا أربع عشرة مائة.)
ودخل الناس في دين الله أفواجا
1- وتحقق الفوز للرسول صلى الله عليه وسلم وللمسلمين:
(1)مغفرة للرسول صلى الله عليه وسلم لأى ذنوب.. وهذه
لاتعد إلا(هفوات) ولكن بالنظر إلى مقامه الشريف.
(أخرج البخاري ومسلم
وغيرهما عن المغيرة بن شعبة قال: « كان النبي ﷺ يصلى حتى ترم قدماه، فقيل له:
أليس قد غفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبدا شكورا؟ ).
(2) تمام النعمة باجتماع الملك والنبوة. (وَيُتِمَّ
نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ)
(3) تبليغ الرسالة، ودخول الناس فى دين الله
أفواجا (وَيَهْدِيَكَ صِراطًا مُسْتَقِيمًا)
(4) المنعة والعزة ونفاذ الكلمة.. (وَيَنْصُرَكَ
اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا)
2- وقد فاز المؤمنون أيضا فوزا عظيما:
هُوَ الَّذِي
أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيمانًا مَعَ
إِيمانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ عَلِيمًا
حَكِيمًا (4) لِيُدْخِلَ لْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِناتِ
جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَيُكَفِّرَ
عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَكانَ ذلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا (5)
وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ
الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ
اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيرًا
(6) وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا
(7)
وهكذا فاز المؤمنون بأمور أربعة:
(1) الطمأنينة.
(2) ازدياد الإيمان.
(3) دخول الجنات.
(4) تكفير السيئات.
وجازى الكفار بأربعة أشياء:
(1) العذاب.
(2) الغضب.
(3) اللعنة.
(4) دخول جهنم.
أما عن المنافقين والمشركين :
أي
وليعذب هؤلاء في الدنيا بإيصال الهمّ والغمّ إليهم بسبب علو كلمة المسلمين، وبما
يشاهدونه من ظهور الإسلام وقهر المخالفين، وبتسليط النبي ﷺ عليهم قتلا وأسرا
واسترقاقا، وفى الآخرة بعذاب جهنم.
وهم قد كانوا يظنون أن النبي ﷺ سيغلب، وأن
كلمة الكفر ستعلو كلمة الإسلام، ومما ظنوه ما حكاه الله بقوله: « بَلْ
ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ
أَبَدًا ».
وإنما قدم المنافقين على المشركين، لأنهم كانوا
أشد ضررا على المؤمنين من الكفار المجاهرين، لأن المؤمن كان يتوقى المجاهر، ويخالط
المنافق لظنه إيمانه، وكان يفشي سره إليه، وفى هذا دلالة على أنهم أشد منهم عذابا،
وأحق منهم بما أوعدهم الله به.
وبعد أن أتم الكلام على ما لكلّ من النبي ﷺ
والمؤمنين من الثمرات التي ترتبت على عمله - أعقبه بما
لهما معا :
إِنَّا أَرْسَلْناكَ
شاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ
وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (9) إِنَّ
الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ
أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما
عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10)
بيعة الرضوان - بيعة الشجرة
سبب هذه البيعة أن رسول الله ﷺ دعا خراش بن أمية الخزاعي حين نزل الحديبية، فبعثه
إلى قريش بمكة ليبلغ أشرافهم عنه ما جاء له، فعقروا جمل رسول الله ﷺ وأرادوا قتله،
فمنعه مجموعة منهم ، فخلوا سبيله حتى أتى رسول الله ﷺ فأخبره، فدعا رسول الله ﷺ
عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليبعثه، فقال إني أخافهم على نفسي، لما أعرف من عداوتي
إياهم وما بمكة عدوي (قبيلته بنو عدى) ولكني أدلّك على رجل هو أعز بها مني وأحب
إليهم - عثمان
بن عفان،
فبعثه إلى أبي سفيان وأشراف قريش يخبرهم أنه لم يأت لحرب، وإنما جاء زائرا لهذا
البيت معظما لحرمته، فلقيه أبان بن سعيد بن العاص حين دخل مكة فجعله في جواره حتى
فرغ من رسالته لعظماء قريش، ثم احتبسوه عندهم، فشاع بين المسلمين أن عثمان قد
قتل، فقال رسول الله ﷺ: لا نبرح حتى نناجز القوم، ودعا الناس إلى البيعة فكانت
بيعة الرضوان تحت الشجرة، وبايعه القوم على ألا يفرّوا أبدا إلا جدّ بن قيس
الأنصاري، فأرعب ذلك المشركين وأرسلوا داعين إلى الموادعة والصلح، وكان قد أتى رسول الله أن الذي بلغه من أمر عثمان كذب،
فتمّ الصلح على أن يحج رسول الله ﷺ في العام المقبل ويدخل مكة.
(إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِدًا وَمُبَشِّرًا
وَنَذِيرًا لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ
وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) أي إنا أرسلناك أيها الرسول شاهدا على أمتك
بما أجابوك فيما دعوتهم إليه مما أرسلتك به إليهم، مبشرا لهم بالجنة إن أجابوك إلى
ما دعوتهم إليه ،أي إن الذين يبايعونك بالحديبية من أصحابك على ألا يفروا عند لقاء
العدو، ولا يولّوهم الأدبار، إنما يبايعون الله ببيعتهم إياك، وقد ضمن لهم الجنة
بوفائهم له بذلك.
سَيَقُولُ لَكَ
الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرابِ شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَأَهْلُونا
فَاسْتَغْفِرْ لَنا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ
فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ
أَرادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (11) بَلْ
ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ
أَبَدًا وَزُيِّنَ ذلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ
قَوْمًا بُورًا (12) وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا
أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَعِيرًا (13) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ
يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَكانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا
(14)
المخلفون: -والمفردمخلّف- وهو المتروك في
المكان خلف الخارجين منه، يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم: أي إن كلامهم من طرف
اللسان غير مطابق لما في القلب فهو كذب ، والملك: إمساك بقوة وضبط تقول ملكت الشيء
إذا دخل تحت ضبطك دخولا تاما والمراد بالضر: ما يضر من هلاك الأهل والمال
وضياعهما، وبالنفع: ما ينفع من حفظ المال والأهل، ينقلب: أي يرجع، إلى أهليهم ،
بورا: أي هالكين لفساد عقائدكم وسوء نياتكم، سعيرا: أي نارا موقدة ملتهبة.
سَيَقُولُ
الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ذَرُونا
نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا
كَذلِكُمْ قالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا بَلْ
كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلًا (15)
المراد بالمغانم: مغانم خيبر، فإنه عليه الصلاة
والسلام رجع من الحديبية في ذي الحجة وأقام بالمدينة ثم فى أوائل المحرم غزا خيبر
بمن شهد الحديبية ففتحها وغنم أموالا كثيرة خصهم بها والمراد بتبديل كلام الله توزيع
المغانم أو إشراكهم فيها بغيرأن ينصروا دين الله ، يفقهون: أي يفهمون والمراد
بالفهم القليل فهمهم لأمور الدنيا دون أمور الدين وينسون أمر الدين ورفع كلمة الله
(يُرِيدُونَ
أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ) فإنه تعالى وعد أهل الحديبية بمغانم خيبر وحدهم
لا يشاركهم فيها غيرهم من الأعراب ثم أمر رسوله بعدم الإذن لهم بالخروج معه
(قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا) وذلك عقابا لهم
ثم أكد هذا المنع بقوله:
(كَذلِكُمْ قالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ).
ثم أخبر بأنهم سيردون عليك مقالك السابق
« كَذلِكُمْ قالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ » فقال:
(فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا) أي إن الله
ما قال ذلك من قبل، بل أنتم تحسدوننا أن نصيب معكم مغنما، ومن ثم منعتمونا.
فردّ عليهم اتهام رسوله وصحبه بالحسد فقال:
(بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا) أى
أن ردّهم حكم الله، وإثبات الحسد لرسوله
والمؤمنين - ناشىء من الجهل
قُلْ
لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ
شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ
أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ
يُعَذِّبْكُمْ عَذابًا أَلِيمًا (16) لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى
الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَنْ
يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذابًا أَلِيمًا (17)
بعد أن رفض سبحانه إشراك المتخلفين في قتال
خيبر عقابا لهم على تقاعدهم عن نصرة الله ورسوله في الحديبية - أردف ذلك بيان أن
باب القتال لا يزال مفتوحا أمامكم، فإن أجبتم داعي الله أثابكم على ما فعلتم ، وإن
نكصتم على أعقابكم كما فعلتم من قبل فستجزون العذاب الأليم، ثم ذكر الأعذار المبيحة
للتخلف عن الجهاد، كالعمى والعرج، والمرض
لَقَدْ رَضِيَ
اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ ما
فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحًا
قَرِيبًا (18) وَمَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها وَكانَ اللَّهُ عَزِيزًا
حَكِيمًا (19)
الرضا: ما يقابل السخط، ولقد رضى الله تعالى
عمن بايعوا رسوله ﷺ تحت شجرة بالحديبية(والشجرة سمرة (شجرة طلح - وهي المعروفة
الآن بالسنط) بايع المؤمنون تحت ظلها رسول الله ﷺ، فعلم الله ما في قلوبهم من الصدق والإخلاص ، والسكينة:
الطمأنينة والأمن وسكون النفس، فتحا قريبا: هو فتح خيبر عقب انصرافهم من الحديبية
، مغانم كثيرة: هي مغانم خيبر، وكانت خيبر أرضا ذات عقار وأموال قسمها رسول الله ﷺ
بين المقاتلين فأعطى الفارس سهمين والراجل سهما، عزيزا: أي غالبا، حكيما: أي يفعل
على مقتضى الحكمة في تدبير خلقه.
((عن سلمة بن الأكوع قال: « بينا نحن
قائلون، إذ نادى منادى رسول الله ﷺ، أيها الناس: البيعة البيعة، نزل روح القدس،
فثرنا إلى رسول الله ﷺ وهو تحت شجرة سمرة فبايعناه، فذلك قوله تعالى:
« لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ » الآية. فبايع لعثمان
بإحدى يديه على الأخرى، فقال الناس هنيئا لابن عفان، يطوف بالبيت ونحن هنا، فقال
رسول الله ﷺ لو مكث كذا وكذا سنة ما طاف حتى أطوف » أخرجه ابن جرير وابن أبي
حاتم وابن مردويه.)
وعن جابر أن النبي ﷺ قال: « لا يدخل
النار أحد ممن بايع تحت الشجرة » أخرجه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي.
وأخرج البخاري عن سلمة أيضا قال:
« بايعت رسول الله ﷺ تحت الشجرة، قيل على أي شيء كنتم تبايعون يومئذ؟ قال:
على الموت ». ))
(ولما أراد أصحاب رسول الله ﷺ أن يعلّموا هذه
الشجرة بعد ذلك كثر اختلافهم فيها، فلما اشتبهت عليهم وصار كل واحد يشير إلى شجرة
غير التي يشير إليها الآخر، قال عمر: سيروا ذهبت الشجرة، وقال ابن عمر: ما اجتمع
منا اثنان على الشجرة التي بايعنا تحتها، وكانت رحمة من الله.
وعن نافع قال: بلغ عمرَ أن ناسا يأتون الشجرة
التي بويع تحتها فأمر بها فقطعت) .
----------------------------------------------------------
وَعَدَكُمُ اللَّهُ
مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ
النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِراطًا
مُسْتَقِيمًا (20) وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللَّهُ بِها
وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (21) وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ
كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا (22)
سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ
تَبْدِيلًا (23) وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ
عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكانَ
اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (24)
المغانم الكثيرة: ما وعُد به المؤمنون إلى
يوم القيامة، فعجل لكم هذه: أي مغانم خيبر، أيدي الناس: أي أيدي اليهود عن المدينة
بعد خروج الرسول منها إلى الحديبية، آية: أي أمارة للمؤمنين يعرفون بها: (1) صدق
الرسول ﷺ. (2) إحاطةالله لرسوله وللمؤمنين وحراسته لهم في مشهدهم ومغيبهم. (3)
معرفة المؤمنين الذين سيأتون من بعد أن عناية الله تعالى ستعمهم أيضا ماداموا على
الصراط المستقيم فلابد من الثقة بفضل الله والتوكل عليه ، وأخرى: أي مغانم أخرى هي
مغانم فارس والروم، أحاط الله بها: أي أعدها لكم ، لولّوا الأدبار: أي
لانهزموا،وليا ولا نصيرا: والولي الحارس ، والنصير: المعين ، سنة الله: أن غلبة
أنبيائه سنة قديمة فيمن مضى من الأمم كما قال: « لَأَغْلِبَنَّ أَنَا
وَرُسُلِي » أيديهم عنكم: أي أيدي كفار مكة، وأيديكم عنهم ببطن مكة، يعني
بالحديبية، أظفركم
عليهم: أي على كلمته وجعلكم ذوي غلبة عليهم، فإن عكرمة بن أبي جهل خرج في خمسمائة
إلى الحديبية فبعث رسول الله ﷺ خالد بن الوليد على جند فهزمهم حتى أدخلهم مكة ثم
عاد.
ثم ذكر أنه لو قاتلكم أهل مكة ولم يصالحوكم
لانهزموا ولم يجدوا وليّا ولا نصيرا يدافع عنهم، وتلك هي سنة الله من غلبة
المؤمنين، وخذلان الكافرين، ثم امتنّ على عباده المؤمنين بأنه كفّ أيدي المشركين
عنهم، فلم يصل إليهم منهم سوء، وكف أيدي المؤمنين من المشركين فلم يقاتلوهم عند
المسجد الحرام، فصان كلّا من الفريقين عن الآخر، وأوجد صلحا فيه خير للمؤمنين في
الدنيا والآخرة.
..ووعدكم الله مغانم كثيرة من غنائم أهل
الشرك إلى يوم القيامة، ولكن عجل لكم مغانم خيبر، وكف أيدي اليهود عن المدينة بعد
خروج النبي ﷺ إلى الحديبية وخيبر، لتشكروه ولتكون أمارة للمؤمنين يعلمون بها أن
الله حافظهم وناصرهم على أعدائهم على قلة عددهم، وليهديكم صراطا مستقيما بانقيادكم
لأمره، وموافقتكم رسوله ﷺ، ويزيدكم يقينا بصلح الحديبية وفتح خيبر.
وهذه هي سنة الله في خلقه، ما تقابل الكفر
والإيمان في موطن فيصل إلا نصر الله المؤمنين على الكافرين ورفع الحق ووضع الباطل
كما نصر يوم بدر أولياءه المؤمنين على قلة عددهم وعددهم، وكثرة المشركين وكثرة
عددهم. ﷺ
والله كفّ أيدي المشركين الذين كانوا خرجوا
على عسكر رسول الله ﷺ بالحديبية يلتمسون غرّتهم ليصيبوا منهم، فبعث رسول الله
سريّة، فأتى بهم أسرى، ثم خلى سبيلهم ولم يقتلهم منة منه وفضلا.
هُمُ الَّذِينَ
كَفَرُوا وَصَدوُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ
يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ
تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ
لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا
الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابًا أَلِيمًا (25) إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ
كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ
اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ
كَلِمَةَ التَّقْوى وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ
شَيْءٍ عَلِيمًا (26)
روى أحمد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد ومسلم
وأبو داود والنسائي في آخرين عن أنس قال: « لما كان
يوم الحديبية هبط على رسول الله
الهدى: ما يقدّم قربانا لله حين أداء مناسك
الحج أو العمرة
معكوفا: أي محبوسا تقول عكفت
الرجل عن حاجته: إذا حبسته عنها، محله: أي المكان الذي يسوغ فيه نحره وهو مني، والوطء:
الدوس، والمراد به الإهلاك
(يلاحظ أن رسول الله ساق معه حين خرج إلى مكة
في سفرته تلك سبعين بدنة)
...وبعد ذكر أن الله كف أيدي المؤمنين عن
الكافرين، وكف أيدي الكافرين عن المؤمنين ، ذكر أن الكافرين منعوا المؤمنين عن
المسجد الحرام ومنعوا الهدى معكوفا أن يبلغ محله، والسبب الذي لأجله كفوهم هو
كفرهم بالله، ثم أخبر أن الكف لمنع التعذيب عن أهل مكة ليدخل الله في
رحمته- فى دين الإسلام -من يشاء منهم بعد الصلح وقبل دخولها، وليمنعنّ الأذى عن
المؤمنين منهم (وللزمكم العيب إذ يقول المشركون إن المسلمين قتلوا أهل دينهم).
ولو(تزيَلوا) تفرقوا وتميز
بعضهم من بعض لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما بالقتل والسبي حين جعلوا في
قلوبهم أنفة الجاهلية التي تمنع من الإذعان للحق، ولكن أنزل الله السكينة أى الثبات
والوقار على رسوله على المؤمنين فامتنعوا أن يبطشوا بهم، وألزمهم الوفاء بالعهد
وكانوا أحق بذلك من غيرهم إذ اختارهم الله لدينه وصحبة نبيه.
عن أبي جمعة جنيد بن سبع قال: « قاتلت
رسول الله ﷺ أول النهار كافرا وقاتلت معه آخر النهار مسلما، وفينا نزلت: ولو لا
رجال إلخ. وكنا تسعة نفر سبعة رجال وامرأتين »، وفى رواية ابن أبي حاتم:
« كنا ثلاثة رجال وتسع نسوة »
(ومن أنفة الجاهلية، أن امتنع سهيل بن عمرو
أن يكتب في كتاب الصلح الذي بين رسول الله والمشركين (بسم الله الرحمن الرحيم) وأن
يكتب فيه (محمد رسول الله) ).................لما هم رسول الله صلى الله عليه وسلم
بقتالهم بقتالهم بعثوا سهيل بن عمرو وحويطب بن عبد العزّى ومكرز بن حفص ليسألوه أن
يرجع في عامه على أن تخلى قريش مكة من العام القابل ثلاثة أيام فأجابهم وكتبوا
بينهم كتابا، فقال عليه الصلاة السلام لعلي ورضي الله عنه: اكتب بسم الله الرحمن
الرحيم، فقالوا لا نعرف هذا: اكتب باسمك الله، ثم قال عليه السلام: اكتب هذا ما
صالح عليه رسول الله أهل مكة، فقالوا كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت
وما قاتلناك، اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله أهل مكة، فقال ﷺ اكتب ما
يريدون، فهمّ المؤمنون أن يأبوا ذلك وأن يبطشوا بهم، فأنزل الله السكينة عليهم
فتوقّروا واحتملوا كل هذا)
لَقَدْ صَدَقَ
اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ
شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ
فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا (27)
هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ
كُلِّهِ وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيدًا (28)
رأى عليه الصلاة والسلام في المنام. وهو
بالمدينة قبل أن يخرج إلى الحديبية أنه يدخل المسجد الحرام هو وأصحابه آمنين، منهم
من يحلق ومنهم من يقصر، فأخبر بذلك أصحابه ففرحوا وحسبوا أنهم داخلون مكة عامهم
هذا، فلما انصرفوا لم يدخلوا فشق ذلك عليهم، وقال المنافقون: أين رؤياه التي رآها؟
فأنزل الله هذه الآية ودخلوا في العام المقبل.
ومما روي « أن عمر بن الخطاب قال: أتيت
النبي ﷺ فقلت: ألست نبي الله حقا؟ قال بلى، قلت فلم نعطى الدنية في ديننا إذن؟ قال
إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصرى، قلت: أولست كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف
به؟ قال فأتيت أبا بكر فقلت يا أبا بكر: أليس هذا نبي الله حقا؟ قال بلى، قلت
ألسنا على الحق، وعدونا على الباطل؟ قال بلى. قلت فلم نعطى الدنية في ديننا؟ قال:
أيها الرجل إنه رسول الله وليس يعصي ربه وهو ناصره، فاستمسك بغرزه (سر على نهجه)
فوالله إنه لعلى الحق، قلت: أليس كان يحدثنا أنه سيأتي البيت ويطوف به؟ قال بلى.
قال فأخبرك أنه آتيه العام؟ قلت لا
ثم أكد الله تعالى صدق الرسول في الرؤيا بقوله:
(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى
وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) يحققه الله تعالى
ولما كان هذا وعدا لا بد من تحققه أعقبه
بقوله:
(وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيدًا)
وفي هذا تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم على
ما وقع من سهيل بن عمرو، إذ لم يرض بكتابة « محمد رسول الله »
مُحَمَّدٌ رَسُولُ
اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ
تَراهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوانًا
سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي
التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ
فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ
الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ
مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29)
أشداء: والمفرد شديد، رحماء: والمفرد رحيم،
فضلا: أي ثوابا، والسيماء:من السومة (بالضم) وهي العلامة
مثلهم: أي وصفهم العجيب الجاري مجرى الأمثال
في الغرابة، والشطء: فروخ الزرع، وهو ما خرج منه وتفرع في شاطئيه: أي جانبيه ،
وآزره: أعانه وقوّاه وأصله من المؤازة وهي المعاونة، واستوى على سوقه: أي استقام والسوق
مفردها ساق.
والمعنى:
بعد أن ذكرسبحانه أنه أرسل رسوله بالهدى ودين
الإسلام، ليعلى شأنه على سائر الأديان أردف هذا بيان حال الرسول والمرسل إليهم،
فوصفهم بأوصاف كلها مدائح لهم، وذكرى لمن بعدهم، وبها سادوا الأمم، وامتلكوا
الدول، وقبضوا على ناصية العالم أجمع، وهي:
(1) إنهم غلاظ على من خالف دينهم وعاداهم، ورحماء
فيما بينهم.
(2) دائمو الصلاة ( استجابة لله وخشوعا له
وتواضعا وحسن خلق فهى تنهى عن الفحشاء)
(3) إنهم يرجون بعملهم ثواب الله ورضاه
(4) إنّهم سمات يعرفون بها، فلهم نور في وجوههم،وعلامات
يعرفون بها.
(5) إن الإنجيل ضرب بشأنهم المثل فقال: سيخرج قوم
ينبتون نبات الزرع، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر. وشبهوا بالزرع تنبت نبتته
الأولى ثم يتكاثر .
(وفي الحديث « مثل المؤمنين في توادّهم
وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمّى
والسهر » وقوله ﷺ « المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، وشبك بين
أصابعه »)
ثم بين أنه إنما جعلهم كذلك
(لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ) أي إنه تعالى
نماهم وأكثر عددهم ليغيظ بهم الكفار، والله متم نوره ولو أبى الجاحدون.
أنظر
حال المسلمين الآن !!! ولعل الله يغير الأحوال ويرجع المسلمون لسابق عهدهم من
القوة والتمكين
(وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) أي وعد سبحانه
هؤلاء الذين آمنوا بمحمد ﷺ أن يغفر ذنوبهم ويجزل أجرهم بإدخالهم جنات النعيم، ووعد
الله حق وصدق لا يخلف ولا يبدل.
وكل من اقتفى أثر الصحابة فهو في حكمهم، ولهم
السبق والفضل والكمال الذي لا يلحقهم فيه أحد.
والخلاصة
لنتائج صلح الحديبية :
(1) بشارة النبي ﷺ بالفتح وإعزاز دين الله.
(2) وعد المؤمنين ووعيد الكافرين والمنافقين.
(3) ذم المخلّفين من عرب أسلم وجهينة ومزينة
وغفار.
(4) رضوان الله على المؤمنين الذين بايعوا
رسول الله ﷺ تحت الشجرة، ووعده إياهم بالنصر في الدنيا، وبالجنة في الآخرة.
(5) البشرى بتحقق رؤيا رسول الله ﷺ أنهم
يدخلون المسجد الحرام آمنين، وقد تمّ لهم ذلك في العام المقبل.
(6) وصف النبي ﷺ والذين آمنوا معه بالرحمة والشدة.
(7) وعد الله للذين آمنوا وعملوا الصالحات
بالمغفرة والأجر العظيم.
---------- وبعد
----------
ملحوظة :
((( لمن يسبون صحابة رسول الله ويفترون عليهم ،
هؤلاء هم صحابته الذين بايعوا الله ورسوله ورضى الله عنهم ورضوا عنهم ))) ؟ ! ؟
روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه
قال: قال رسول الله ﷺ « لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق
مثل أحد ذهبا ما أدرك مدّ أحدهم ولا نصيفه (نصفه) » رضي الله عنهم وأرضاهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق