الثلاثاء، 8 ديسمبر 2020

العلم والأخلاق/تأمل سورة القلم/

 يتبادرإلى  الذهن  عند ذكر
القلم فى سورة القلم ؛ كلمة إقرأ فى سورة العلق وهى أول ما أنزل من القرآن

أنزل الله تعالى الكتاب (القرآن الكريم) وحيا على عبده المُصطفى – محمد- رسول الله صلى الله عليه وسلم

ليبلغه للعالمين

وماكان الأمر سهلا ميسورا ، فكفل الله لرسوله الكريم عوامل القيام به ، إذ  اصطفاه -عليه الصلاة والسلام-من عرق طاهر طيب  ، وأدبّه(أدبنى ربى فأحسن تأديبى).

 وزوده تعالى بالأخلاق العظيمة :  "الرحمة"{وماأرسلناك إلا رحمة للعالمين }

"فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك...." 159 آل عمران

 والصدق والأمانة(حتى لقبه  قومه بالصادق الأمين) ، وآتاه ربه الحكمة  وكل الأخلاق :العفة والتواضع والحلم والرفق ........ وعلمه مالم يكن يعلم

"كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم مالم تكونوا تعلمون " 151 البقرة

وأنزل عليه كتابا معجزا لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه(القرآن الكريم) ،  به العقيدة والمعاملات وحقيقة الخلق ومآل الكون  وقصص الأولين والآخرين للعبرة والعظة وتوضيح المعانى  

وتعهد الله سبحانه وتعالى بحفظ  كتابه ، وعصمة رسوله الأمين من الناس

وأنزل سبحانه الكتاب منجما  ،ليسعف رسوله عند سؤال الناس له ، وعند تحدى المشركين بغية إحراجه وتعجيزه لوأد دعوته ؛ فكان القرآن –منجما-  تثبيتا وطمأنة وعونا على المضى فى مهمة الإبلاغ الشاقة

وانتشر دين الله الإسلام 

وكان العلم والأخلاق أساسا ؛ (العلم وأداته القلم) والأخلاق وبها يكون إيصال العلم النافع للناس وليكون ذلك العلم فى ذاته نافعا

{{ أنظر فى سورة الكهف جمع الله بين الرحمة(من الأخلاق) والعلم – وقد سبقت الرحمة العلم ليكون علما نافعا وليصل إلى الناس بالحلم والتيسير { " فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما" 65 الكهف } 

--- وجدير بالذكر أن الإسلام ذاته تفكيروفلسفة وعمل منظم (قائم على العلم) & وأساسه وغايته "الأخلاق" 

"ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون "104 آل عمران

"إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق"

                                 كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

------------------------------------------------------------- تأمل سورة القلم 

-عدد آياتها 52 آية-

جاء ذكر  القلم والخُلق العظيم- خلق الرسول صلى الله عليه وسلم- فى هذه السورة    

فى أول آية وبعد ذكر حرف من الحروف المقطعة(نون)

يقسم الله تعالى بالقلم – ولله تعالى أن يقسم بما يشاء ونحن لانقسم إلا به تعالى- والقسم  بالقلم دليل أهميتة  فهو وسيلة  للعلم  والمعرفة 

به  تسطرالكتب ، ومنها يعلم من لايعلمون 

 "فستبصر ويبصرون" 5 ، "إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين" 7 ، "لو كانوا يعلمون" 33 " 

ومعجزة الإسلام كتاب ؛ كتب فى اللوح المحفوظ ، ثم أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم تمت كتابته بالقلم فى كتاب -المصحف -  القرآن الكريم

   وفى صدرسورة القلم :

دافع رب العزة عن رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ومدحه وسرى عنه وذلك حبا وكرامة لرسوله الأمين وليطيب خاطره وليثبته هو والمؤمنين وليُعلم الناس جميعا علو قدر نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم

  وماعادى مشركو مكة ":الصادق الأمين" عن عيب خبروه  فيه وإنما  لأنه جاء بما يخالف مصالحهم ودينهم وعقيدة آبائهم وما اعتبروه غريبا – فكيف يعبدون إلها واحدا وقد كان لديهم العديد من الآلهة ! وكيف يخسرون نفوذهم ومكانتهم باعتناق أتباعهم الدين الجديد !!

 فاتهموه بالجنون

"يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنون "     الحجر: 6

   فكان دفاع ورد الله سبحانه على اتهام الكفار له بالجنون - صلى الله عليه وسلم - بنفى صفة الجنون عنه -والقسم بالقلم على ذلك- ، وبتقرير مؤكد ( وإنك لعلى خلق عظيم)   فهذا ينفى  صفة الجنون -فالمجنون ليس مسئولا عن سلوكه  ولايكون منضبطا وعلى خلق عظيم

.........وجاءت الآيات بنفى الجنون عنه وطمأنته :

               * مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُون

         * وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرا غير ممنون                              

* وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عظيم 

"ما أنت بنعمة ربك بمجنون" فهنا نفى الجنون ،وقد أقسم الله تعالى على ذلك ،  وأنه بنعمة الله وفضله

ثم البشرى وهى الأجر والثواب والفوز الممتد المستمر غير المقطوع (غير ممنون)

.... وكان المدح الرائع(وإنك لعلى خلق عظيم)وهو مدح لم يشرف به من رب العزة  سوى رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم           [وهو يشمل كل المحامد والمكارم - وجاء بصيغة المخاطبة (وإنك)والتوكيد (إن)، (ل) ثم (على) وتعنى الفوقية والعلو وامتلاك الأمر]

... وكانت "الأخلاق" وسيلة وغاية 

                              "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" كما قال الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام

 فبالأخلاق اتصف سيد الخلق – ولتكون أخلاقه بين الناس أكبر معين لتوصيل الرسالة  ، وإلى الأخلاق غاية الوصول  حيث يسود الإخلاص والعدل والرحمة .... وكل الخير وتتصف به أفعال المسلمين

--------------------------------------------------------------- 

ورسمت الآيات صورة للوليد بن المغيرة(أحد كبراء قريش)وأحد المكذبين المعادين

 والذى أخذته آيات القرآن حين ذهب إلى الرسول الكريم واستمع لآيات من القرآن ، ثم ذهب لقومه وأخبرهم بما رأى وعرف -  قال :

"وماذا أقول؟ فوالله ما فيكم من رجل أعلم بالأشعار ولا أعلم برجزه ولا بقصيده ولا بأشعار الجن مني، والله ما يشبه الذي يقول شيئاًمن هذا، والله إنّ لقوله الذي يقول حلاوة وإن عليه لطلاوة وإنّه لمثمر أعلاه مغدق أسفله وإنه ليعلو وما يعلى، وإنه ليحطم ما تحته"

أى اعترف بحلاوة وعظمة القرآن ثم مالبث  أن  اتفق هو وأبو جهل أن يشيعا   أنه (سحر)                                                            سحر يؤثر أى أثره أكبر من غيره

وكان مكر المشركين شديدا ، وكانت دعوة الإسلام فى مهدها فأراد الله تعالى أن يطمئن رسوله صلى الله عليه وسلم ويدعمه ويعلمه

فعرّفه بصفات من يكذبونه ويصدون دعوته(وهى صفات متدنية) ، وأمره ألا يطيعهم

وطمأنه أنه سبحانه معه - ينصره ؛ فسيلحق بمن آذاه ما يعرّفه بين الناس ،  ويلحق به العار ويكون دليلا على صدق ماجاء به النبى صلى الله عليه وسلم (سنسمه على الخرطوم))

سنسمه  على الخرطوم  :سنسمه :من السمة أى العلامة -  علامة على أنفه

وهذا التنبؤ بالغيب إعجاز قرآنى فقد تحطمت أنف الوليد بن المغيرة فى غزوة بدروقد بقى بقية حياته مشوّها ! ولم يرجع عن ضلاله .

ومثل الوليد بن المغيرة وأبو جهل كان (أصحاب الجنة)إذ بعدوا عن طاعة الله وغرهم مالهم من مال  (وبنون) وغفلوا عن ابتلاء الله - ولم يفوزوا - .

(أصحاب الجنة)

بعدوا عن طاعة الله فكان العقاب والعذاب 

"كذلك العذاب ولعذاب الاخرة أكبر لو كانوا يعلمون  33 

وهكذا... ضرب الله مثلا :

 قصة أصحاب الجنة :

 أراد أصحاب حديقة-بعد وفاة والدهم- حرمان الفقراء من صدقات اعتادوا أخذها  يوم حصاد ثمار الحديقة ،

فاتفقوا على القيام مبكرا والمشى بهدوء حتى لايشعر بهم الفقراء فيأتون إليهم

ولما وصلوا لحديقتهم وجدوها بلا ثمار كالليل المظلم – وجدوا الحديقة فى دمار ، وظنوا بادئ الأمر أنهم  ضلوا طريقهم  وأنها ليست حديقتهم ، ولما تيقنوا أخذ كل منهم

يلوم الآخر واعترفوا أنهم أخطأوا - خاصة أنهم لم يكونوا يسبحون ربهم- ، فحرمهم الله حديقتهم ، وأحل بها البوار-

ولكنهم رجعوا إلى ربهم فاعترفوا بذنبهم  وسبحوه وعاهدوه (إنا إلى ربنا راغبون )وأملوا أن يعوضهم  ربهم خيرا  منها (عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها)

وهكذا فالدنيا ابتلاء

وعلى الناس  أن يختاروا إما طريق الله سبحانه وتعالى فيكون الفوز والفلاح فى الدنيا والآخرة

وإما طريق البوار – طريق الشيطان- فيكون العذاب فى الدنيا والعذاب الأشد فى الآخرة ،

أما  عن المكذبين –المجرمين- أولئك الذين آذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم (الصادق الأمين) وكذبوه - ظلما - ، وكأن عندهم كتاب يدرسون فيه يأمرهم  بالتكذيب ، أو أخذوا من الله عهدا بما يفعلون  ، أو كان لهم شركاء أو آلهة يحمونهم – فيمضون  فى ظلمهم ! {وهذا توبيخ  وإنكار } ___ وسيعرفون يوم القيامة مايفعلون ! وذلك اليوم سيعجزون  عن السجود ولايجدى شئ لتدارك تكذيبهم السابق فى دنياهم  ، ولن ينجوا من العذاب والذلة

وتستمر الآيات فى توبيخهم والتعجب من أمرهم

فالدعوة للإسلام  واضحة ولم يكن شئ يمنعهم من الإيمان(سوى الكبر) :

فلا  غرم يغرمونه  ولا مال يدفعونه  ولاشئ يثقل كاهل من يؤمن منهم  ،

وليس عندهم قوة  عليا أو غيب (آخر) يأمرهم بالكفر !

وإن كان هؤلاء  فى غرور (كالوليد بن المغيرة وأصحاب الجنة )بسبب مالهم من مال (بنون)فإن هذا لن يمنع عنهم  عذاب الله فهو سبحانه يمهلهم  ويكيد لهم ------------------------------------------

    ----------------------------الايات تسرية عن الرسول الكريم (فهو لم يقصر فى التبليغ وإنما المكذبون  هم الظالمون )

فلا تجزع ولاتحزن يامحمد –صلى الله عليه وسلم- فأمرهم متروك لى ، فأنا من يحاسبهم ؛ فسأملى لهم وأتركهم كما يشاءون ، ثم أكيد لهم–فوق كيدهم-

وقد حاول المشركون –أيها الرسول -أن يؤذوك  {وكادوا أن يهلكوك بالعين والحسد} ، فمنهم المشهورون بالعين وتعمدوا إيذاءك 

ولكن كيد الله متين وقد حفظ رسوله الكريم

وماعليك أيها النبى إلا أن تصبر وتنتظر حكم ربك ولاتتعجل-كما تعجل نبى الله يونس بن متى  -عليه السلام-

قصة  "يونس" عليه السلام :               غضب من قومه لعدم  استجابتهم لدعوته ، فخرج من بلدته غاضبا وترك قومه وذلك دون انتظار لأمر الله له وركب سفينة مالبثت أن تعرضت للغرق فأسهم الركاب  وجاء السهم على يونس عليه السلام ، فألقوه فى البحر-لإنقاذ السفينة- فالتقمه الحوت ، فأصبح فى ظلمات  ثلاث ،  لكنه اتجه لربه( لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين)  فلحقته رحمة ربه فنجاه إذ ألقاه على الشط 

وجعل له شجرة من يقطين تحميه وتعالج جسده بورقها العريض

   و آمن  قومه بعدما جاءتهم نذر العذاب فتنبهوا وآمنوا بما كان يدعو به نبيهم يونس عليه السلام -فنجاهم  الله

وجاءت آخر آيتين فى السورة  للتثبيت  والتأكيد  على خلاصة الموضوع وماسبق ذكره  - وجاء المعنى :

انتبه يارسول الله لهم فهم يحسدونك لما خصك الله به من النبوة – وليس لعيب فيك أو قصور منك

وإنك لست  مجنونا كما  ادعوا وكذبوا ، ومابلغته لهم هو  ذكر لكل العالمين من الإنس والجن وليس لهؤلاء فقط الذين كذبوك من أهل مكة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لنتدبر سورة ا\

من على "تويتر " !

 يعنى للذكرى ! فقد قيل أن "تويتر" سيتخلص مما عليه من أحمال (تغريدات سابقة) ! نعم نحن المسلمين مختلفون #المسلم أساس عقيدتنا"ا...