الاثنين، 23 مارس 2020

عن سورة المدثر

نزلت بمكة وهى من السور الأولى التى نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم(قيل الثانية بعد العلق أو الثالثة بعد المزمل)

ولأنها مكية ومن أول السور التى نزلت فكان بها الأمر بتبليغ الرسالة وأساسها الوحدانية ونبذ عبادة الأوثان مايلزم لذلك من طهارة الداخل والخارج من إخلاص وتجرد وتعظيم ويقين بالله وصبر على أوامر الله ونواهيه ، وفيها التوضيح لموقف أحد مشركى مكة الكبار ذوى القوة فى قومه من مال وعزوة الولد والمكانة"الوليد بن المغيرة" حيث أنكر أن القرآن من عند الله واتهمه بأنه سحر - فتوعده الله تعالى
وجاءت السورة بما يثّبت
 الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم ويعينه على القيام بماكلفه الله به...فأوضحت أن الله  ناصره وأنه يدخر العذاب للمشركين والثواب للمؤمنين
معانى بعض الكلمات :
الرجز:الأوثان    - ولاتمنن تستكثر : ولاتعط العطية تلتمس أكثر منها -
 الكُبر: جمع (الكبرى) اسم تفضيل مؤنث
- والجمع مع التعريف بأل هو أعلى درجات التفضيل -
وقيل أنها جمع لكل درجات جهنم وعددها سبعة : "جهنم ، لظى ،سعير ،الحُطمة ،سقر ، الجحيم ،الهاوية ، سقر "
وقيل أن الكبر أحدى درجات جهنم وكذا سقر 
تأملات فى السورة :
السورة من السور الأولى التى صافحت أذن أهل مكة ، هؤلاء الذين أشركوا بالله تعالى ، واشتهروا بالفصاحة والبلاغة حتى أن "مهرجانات" الشعر كانت تقام عندهم مثل "سوق عكاظ" وكانوا يعلقون أشعارهم  "المعلقات"

وحكمة الله تعالى اقتضت أن ينزل القرآن بلغة من أنزل عليهم وأن يكون مما يفهمونه ويقدرونه (والعرب على قدر عظيم من الفصاحة والبلاغة) ؛ فكان مهما أن تكون سورة المدثر مليئة بما يسترعى انتباههم ويأخذ  مشاعرهم وألبابهم ،
ولأن القرآن كلام الله المعجز فأحدث أثره لديهم ولم يستطيعوا مقاومة جماله وتأثيره ولكنهم أعملوا  تفكيرهم وتدبيرهم ، ليخفوا ذلك عنادا وخوفا من ضياع مكانتهم إذا ماتمكن هذا الدين من الوصول إلى الناس
.......... وقد عرضت السورة لموقف أحدهم وهو "الوليد بن المغيرة" الذى قال  مقولته المشهورة :

" والله ما فيكم رجل اعلم بالشعر مني لا برجزه ولا بقصيده ، ولا بأشعار الجن ، والله ما يشبه الذي يقول شيئا من هذا ووالله ان لقوله لحلاوة ، وان عليه لطلاوة وانه لمثمر أعلاه ، مغدق أسفله وانه ليعلو ولا يعلى وانه ليحطم ما تحته "

ورغم ذلك ونتيجة لكفره وعناده وخوفه من ضياع مكانته بين قومه إذا ماحل هذا الله الدين وتبعه القوم

فقد أعد طعاما لقومه وسألهم رأيهم فيما يقول محمد بن عبد الله-رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورأيهم فيما جاء به ؟
وترنحت الأقوال ما بين شاعر وكاهن وساحر وماجاء به -
(إن هذا إلا سحر يؤثر)
 وهذا ما أخذ يد عيه الوليد بن المغيرة رغم معرفته بكذب مايدعيه !
****************

  * فى صدر السورة بيان مايلزم من استعداد  للمهمة التى كلف الله تعالى بها رسوله صلى الله عليه وسلم (تبليغ الرسالة) وهى  التوكل على الله وتمام الثقة فيه سبحانه والطهارة المادية والمعنوية والصبر 
وهى أسس ينبغى للمسلم اتخاذها ليحسن عمله - ومن المهم لفت النظر إلى الطهارة المعنوية ومنها ( ترك المعاصى) لاستجلاب رضا الله وبركته ونصره
وكذا الطهارة المادية فالإسلام دين الوضوء قبل الصلاة ، والغُسل الواجب 
وأخذ الزينة عند كل مسجد 

*تحدثت السورةعن "سقر" وهى من نار جهنم  وجاء فى الآية31
"... ومايعلم جنود ربك إلا هو..."
                         فالله هو خالق كل شئ وهو الملك سبحانه له مقاليد الأمر يصرف مخلوقاته كيف يشاء - ومن هذه المخلوقات مانعلم ومالا نعلم
ومن أمثلة ذلك (الملائكة )أرسلها الله تقاتل مع المسلمين فى "بدر" , و (النار) فقد أمرها الخالق سبحانه أن تكون بردا وسلاماعلى إبراهيم عليه السلام ، (والريح) و(الرعد) و( الأوبئة والأمراض)

 قال النبى صلى الله عليه وسلم :" لم تظهر الفاحشة فى قوم قط حتى يعلنوا بها  إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التى لم تكن مضت  فى أسلافهم الذين مضوا "

البلاغة :  
والألفاظ موحية - سبحان الله-

 * كلمة" تمنن" حيث فك الإدغام : توحى بحب الظهور والشهرة كُبر : التناهى فى التفضيل ، والكلمة غير مُعتادة  (وسبق شرحها)

أمثلة للبلاغة :
القوافى:
     - الدين ، اليقين ،الشافعين ، المعرضين ........
     - قسورة ، مُنشرة ، الآخرة ، المغفرة .......
         المقابلة :
                     أدبر ×  أسفر 
                    يتقدم × يتأخر
  
  وهناك تكرار يؤكد المعنى مثل:             عسير ، غير يسير
                                     فقتل كيف قدر/ثم قتل كيف قّدر

  ويلاحظ أن الآيات قصيرة ، وإيقاعها سريع  ، حتى تصل المعانى بيسر، ويسهل فهمها واستيعابها 
وحيث أن "سورة المدثر، من السور الأولى فى ترتيب نزول القرآن ، فكانت غريبة على الأسماع لم يألفها من أُنزلت عليهم - وكان من المهم أن يستوعبوا معانيها وماجاء به الدين الجديد  
    *  الحروف: حرف الراء والنون شئ عظيم مناسب لموضوع السورة
فالراء تعطى اهتزازات  كأنها تذّكر الغافلين وتستجلب انتباههم
والنون تلائم زفرات الأسى والحسرة من النادمين(قالوا لم نك من المصلين/ولم نك نطعم المسكين/وكنا نخوض مع الخائضين /وكنا نكذب بيوم الدين)

* تنوعت الأساليب بالسورة ؛ فمن المخاطب -أنت- (يا أيها..) ، إلى المتكلم -أنا أونحن-(ذرنى...) ، إلى الغائب -هو- (إنه فكر وقدر....)
وهذا يشحذ انتباه المستمع ويعطى حيوية للحديث

*الإبداع -سبحان الله- فى التصوير وتجسيد الكلمات والحكى أو السرد الدقيق الرائع

وبأقل عدد من الكلمات  : 
إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25)
والآيات عما فعله الوليد بن المغيرة 
 والآيات إيقاعها سريع وتنتقل من أسلوب لآخر ومن جزئية أوموضوع لآخرداخل الموضوع الأساسى الكبير :
فمن مخاطبة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى قصة الوليد بن المغيرة(نموذج للمشركين المعاندين ) إلى القسم بإحد دلائل قدرة الله تعالى (القمر)للتأكيد على سوء عاقبتهم فى الآخرة
وأوضحت الآيات المصير المغاير لذلك وهو مصير المؤمنين (فى جنّات.....)

****************************************





















ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لنتدبر سورة ا\

من على "تويتر " !

 يعنى للذكرى ! فقد قيل أن "تويتر" سيتخلص مما عليه من أحمال (تغريدات سابقة) ! نعم نحن المسلمين مختلفون #المسلم أساس عقيدتنا"ا...