الأربعاء، 27 فبراير 2013

"وسطية الإسلام" والمقصرون والغلاة

"وسطية الإسلام" والمقصرون والغلاة
وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا 
                                                                               143 البقرة
خلق الله كل شئ بقدر , وجعل كل شئ موزونا
 إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ          (٤٩) القمر
وَالأَرضَ مَدَدناها وَأَلقَينا فيها رَواسِيَ وَأَنبَتنا فيها مِن كُلِّ شَيءٍ مَوزونٍ            الحجر 19
    إن الاتزان والوسطية هى سنة الله فى الكون, ولننظر إلى أنفسنا كبشر , جعل الله طبيعتنا بين المادية والروحية أو بين الجسد والروح – وجعل لنا تعالى الإسلام هاديا إلى الأخذ من كل منهما  بقدر يخلق التوازن والانسجام والتوافق بينهما مما يكفل سعادتنا ... ونجد هذا فى كل نواحى الحياة , فالحياة جميلة وللإنسان أن يتمتع بها وبزينتها و جعل الله الأصل فى الأشياء هو الإباحة إلا القليل الذى أرشد إليه وأمر به الله ,

فللإنسان أن يأكل ويشرب وبنفق مما رزقه الله – من حلال- ولكن بقدر ووسطية وتوازن فلا يسرف ولا يقتر
وللإنسان أن يتزوج ويشبع غريزته – بل حث الإسلام على الزواج – ولكن ليس للرجل أن يزيد عن أربعة , وقيد التعدد المطلق الذى كان فى الجاهلية قبل الإسلام
كماحرم عليه العلاقات خارج إطار الزواج
وحول (وسطية الإسلام) شرع لنا الدين بعض الأمور مثل (الاجتهاد) وجعل للمسلم أن يعمل عقله –نعمة الله – فى بعض الأمور والمسائل- بعيدا عن العقيدة – وذللك فى الأمور التى تتصل بحياته ومعيشته ( فهناك نصوص قطعية لاتحتمل الاجتهاد كأمور العقيدة وأخرى ظنية تحتمل) – وللإنسان أن يختار حلولا لمشكلاته المتغيره والتى لم تكن موجودة وقت النبوة وذلك باستخدام (القياس) على مثيلاتها أو مايشبهها وبالرجوع إلى مصادر الشريعة الأصلية من القرآن والسنة وإيجاد العلة والاختيار حسبما يتيسر ولايخرج عن الشريعة الغراء ( ويتم الاجتهاد من العلماء ووفق قواعد منضبطة)- إذا فالأمر يحتاج عدم المشقة على الناس وتيسر أمورهم وعدم التشديد عليهم
وهناك الكثير من آيات القرآن التى توضح النهى عن التشدد والعنت (قصة بقرة بنى إسرائيل)وآيات تدعو للرفق , ويلاحظ أن  الشريعة تعطى مساحة للتيسير فهناك درجات للأعمال مابين الحلال والحرام كالمندوب والمكروه

1-    ومما ِيحزن النفس تفريط بعض المسلمين فى النعمة التى آثرهم الله بها ((الإسلام)) العظيم..فلا يأخذونه بحقه ولا يقيمون كل جوانبه ولايعظمون شعائر الله , ويفعلون ما يشبه فعل هؤلاء القوم الذين عصوا الله وأخذوا ببعض الكتاب فأنزل الله بهم العذاب ,ذلك مع أن دين الله كل لايتجزأ - نسأل الله للجميع العفو والعافية
...... وعلى الناحية الأخرى نجد الغلاة المتشددين الذين سماهم رسول الله (المتنطعين)
عن ابن مسعود،  عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: «هلك المتنطِّعون» قالها ثلاثا.
وروى ابن عباس، عنه صلى الله عليه وسلم قال: «إياكم والغلو فى الدين، فإنما هلك مَن كان قبلكم بالغلو فى الدين وقال: «يسِّروا ولا تُعسروا وبشِّروا ولا تنفِّروا»
وما خُيِّررسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما
1-  وبالإضافة إلى أن التشدد فى أمر الدين - خاصة فيما يخص دعوة الآخرين- هو بعد عن الإسلام فهو أيضا يحمل من
المضار الكثير حيث قد يكون سببا فى(الصد عن سبيل الله ) !
فالنفس تكره العنت وتجنح إلى اليسر , والإسلام أساسه "الرحمة" وسعادة الناس
وماجعل الله الرسول إلا بشيرا ونذيرا (معا)
·        إنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ                      البقرة 119
1)      (يسروا ولا تعسروا ، وبشروا ولا تنفروا )"    البخارى
·        ( وعلق عليه ابن حجر بقوله المراد تأليف من قرب إسلامه، وترك التشديد عليه في الابتداء، وكذلك الزجر عن المعاصي ينبغي أن يكون بتلطف ليقبل وكذا تعليم العلم ينبغي أن يكون بالتدرج؛ لأن الشيء إذا كان في ابتدائه سهلاً حبب إلى من يدخل فيه، وتلقاه بانبساط ، وكانت عاقبته غالباً الازدياد)
·           وللأسف فقد كثر هؤلاء الغلاة المتشددون بحجة الدعوة لدين الله :        
·        تسأل هذا عن (إسمه) فيقول لك – بثقة – "الداعية " فلان ! ….
·        .. وللآسف فإن نسبة كبيرة منهم على غير أساس سليم من العلم……. 
·        ومع ذلك يقولون .. ويعارضون ..ويصممون .. ويؤكدون .. ويفتون فى كافة أمور الدين والدنيا !
·        كلهم جهابذة .. علماء .. لايقولون  ( لاأعلم) – وكان الإمام مالك يقولها كثيرا ! - )
·        ثم ….
·        أسلوب الدعوة والخطاب الدينى الجامد أو (غير الجميل )
·        .. الأصل أن الحياة جميلة ومعرفة الله  وطاعته تزيد الجمال بل هى أصل الجمال ..فلا يستقيم أن تكون الدعوة للجمال غير جميلة !
    دلائل وجود الله حولنا فى كل الكون بل فى أنفسنا هى دلائل لقدرته تدل على عظمته وتفرده .. وشاءت رحمة الله (وحبه تعالى لنا ) أن يسهل علينا التعرف عليه فجذبنا إلى الهداية بـ "الجمال" فى بديع صنعه ( وللجمال معان : منها الألوان والانسجام والتوازن والدقة والتعدد و….. الخ)….. وميزنا بالعقل والحواس , وأنزل الرسالات والأنبياء والكتب وآخرها القرآن الكريم الذى تعهد سبحان بحفظه – من عبث وتحريف البشر- … وجعل الله لنا الآيات المعجزة والداعية للتفكر  كا (الموت والحياة )و( الليل والنهار)… الخ
·        .. أليست هذه رحمة ؟..
·        وأليس فى الرحمة جمال ؟
·        … أيها الداعى إلى الله .. لماذا لاتتلمس الجمال و الرحمة فى تعاملك مع الناس ؟ لماذا الصرامة والتجهم  وعدم الرفق والغلو والاستعلاء وكأنك ملكت العلم كله وعلوت فوق الناس !
·        لماذا تستمتع بتعذيب خلق الله ؟
·        لماذا نذكر النار قبل الجنة والجحيم قبل النعيم ؟
·        لماذا ترهب قبل ان ترغب  (وأنت تخاطب المصريين المؤمنين وليس من قتلوا الأنبياء) ؟
·        لماذا تضخيم الأمور وتحويل الصغائر والهنات إلى كبائر ؟
·        لماذا نقفل أبواب الرحمات والله فتحها ؟
·        لماذا نغفل التوبة والدعاء والاستغفار
·        لماذا نلغى بشرية بنى آدم ونحسبهم من الملائكة
·        لماذا لانعقل ( كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون )
·        لماذا ننسى أنفسنا ولانبدأ بها فى الدعوة إلى الله ونتوارى عن الناس والله يعلم حقيقتنا
·        .. أنكون كاذبين – مثلا - ونحن نزعم أننا داعون إلى الله ؟
·        ..أنكون طامعين , راغبين فى عرض الدنيا .. معرضين عن الآخرة ؟
·        أنجادل بغير علم  من أجل لاشئ إلا حب الظهور وتضخم الذات  .. ونضيع الوقت والجهد سدى ؟
·        أنتمسك برأينا ولو كان غير سليم  ونخاصم من يخالفونا الرأى ونغلو فى الخصومة استعلاء وكبرا ؟
·          وفى كل هذا نختلف ونتنازع وننقسم شيعا وأحزابا ونتسمى بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان بعد أن كنا تحت راية اسم واحد
·          وكلمة واحدة تجمعنا هى (الإسلام ) أو (المسلم) فأصبحنا ننقسم إلى أسماء ..  شيع وأحزاب تتعصب وتتنازع والأصل أن المؤمنين أخوة , يعتصمون بحبل الله
·        ثم ….
·        عدم الكياسة ( رغم أن المسلم كيس فطن).. ننساق كالـ ….. دون تفكير ونخدع ونتعصب ونثور  بلا روية ولا حساب !
·        لابد للداعى أن يبصر الواقع بكل أبعاده وشروره ولابد أن يفتح عينه على أطماع الناس – ولو خادعوا بالاسلام زورا -  ليوصل للناس حكم الله وليحترس من أعداء شريعة الله .. فالبراءة وسلامة الصدر كثيرا ما تضر بأصحابها  والآخرين أيضا , مع تفاقم الشر وتعدد أساليبه الآن ..
·        ثم……
·        لماذا تـُقفل الطرق وتضيق المسالك ؟ .. ألم تكن أرض الله واسعة ؟ .. وإن اختلاف العلماء رحمة .. والأصل فى الأشياء الإباحة وليس المنع .. واحكام الشريعة ليست كلها تحريما وإنما (( تتدرج)) بين درجات متفاوتة من( التحريم)و(المندوب) و(المكروه) …  , وللمريض والمسافر ولأصحاب الأعذار رخصة شرعية تبيح التخفيف أوالأعفاء …. و
·         ((رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يكبر، وعن المجنون حتى يعقل)) ….. وأعفى من الحج من لايستطيع إليه سبيلا … وأجيز للمريض الصلاة على أى وضع مستطاع …. إذا فلم يضيق المخلوق ماوسّعه الخالق ؟.. سبحان الله
·        ثم ….
·        ما درج عليه كثير من الداعين إلى الله من إهمال مظهرهم فبدوا بشعور ( ذقون) طويلة منكوشة غير مهذبة ( وكلنا نعرف أمر النبى صلى الله عليه وسلم  لإعرابى بأن يكرم (يقص ويدهن ويهذب) شعره ) , ونعرف قوله   صلى الله عليه وسلم (إكرم شعرك واحسن إليه ) , ( من كان له شعر فليكرمه ).. ثم حرصهم على مظهر معين يختلف عن معظم الناس مما أوجد فجوة بين كثيرين منهم وطائفة من الناس وهذا  ضدالعلاقة بينهما  .. ويلاحظ عدم  وجود ارتباط بين هذا الزى و الإسلام ,  و لم يلتزم  النبى صلى الله عليه وسلم فى ملبسه بطراز ولا لون معين .. (اللهم إلا الالتزام بما يستر العورة )
·        ثم …..
·        ..إ نهم ( كثيرون) يهملون أهم الأمور وينشغلون  بتوافهها حبا فى الظهور وفشلا فى التقدير والتفكير ؟
·        …… أخى الداعى إلى الله :
·        مسألة :
-  أمامك حريق كبير .. أتسارع لتطفأه , أم  تجرى وراء من تكشف ذراعيها   ,  لتردعها  ؟ ..
·        بأيهما تبدأ ؟
·        -        أمامك شران : أيهما أشر ؟ وبأيهما تبدا ؟
·                - حرامى لص يأكل قوتك و فتاة مستهترة تمشى على الطريق تكاد لاتراهامن ضراوة الجوع ؟
·        - هل أقطع يد سارق لم يجد عملا يقتات بأجره ولم يجد مايسد جوعه فأشرف على الموت ؟
·         يد من تفطع ؟ .. الحاكم الذى خان الأمانة وتخاذل عن واجبه فى رعاية الرعايا أم الجائع المسكين ؟
·                            العقل وكل شئ يقضى بالعدل أولا .. وهو الأساس .. المسألة ليست ( محفوظات) وأشياء تحفظ وتردد …
·        المسألة توازنات .. ربط وتحليل واختيار .. تقدير وقياس و (اجتهاد) .. وعى وفطنة وذكاء .. معرفة متى ولمن يقال الكلام .. ولكل مقام مقال وفق مقتضيات وأحكام الشريعة السمحة الغراء
·        مسألة أخرى : هناك من يتهمون ويقولون  بعدم استقلال الأزهر وعدم استقلال القضاء …
·        فهل فكرتم أيها الداعون إلى (شرع الله)  ؟ : من المنوط به الحكم وتطبيق الحدود ؟ .. هل ترضون أن تتدخل الأهواء والفساد فتقطع أيدى الشرفاء ظلما ؟؟
·        لابد أولا من التأكد من صلاح الأزهر والقضاء .. القاضى العادل أولا ليحكم بالعدل ولينفذ شرع الله كما أمر تعالى
·        ….. وهكذا الأولويات …..
·         ولتنفذ مقاصد الشريعة..
·                                                وانتبـــــــــــــــــــــــــــــه " يرحمك الله "
·        أنك تتحدث عن دين الله .. تنقل عن الله تعالى كلامه (القرآن الكريم ) , وعن رسوله الكريم أحاديثه وسنته …… شئ خطير فعلا
·        ….. كل كلمة تخرج منك يجب أن تحسب حسابها.. ولاتقل إلا ماعلمته .. وكلمة ( لا اعلم) قد تعنى العلم كله !
·         كلامك محسوب عليك ..تخيرك للموضوعات الحيوية المفيدة والتى تهم الناس -  معلوماتك .. طريقتك فى الكلام والعرض والاقناع .. تلطفك فى الحديث وإنصاتك للغير.. تخيرك لأوقات صمتك وكلامك  .. ابتسامتك .. مظهرك : (النظافة – تهذيب الشعر – تقليم الأظافر – الزى …..الخ)
·         إنك قد تأخذ بيد إنسان فتنقذه من الضلالة  
·         وقد تبعد بآخر عن دين الله – والعياذ بالله –  فتهوى به ومعه إلى النار
·        بل وأخطر شئ إنك قد ( تمثل الإسلام ذاته) فى أعين البعض ممن لايعلمون أو ممن هم على غير ملة الإسلام
·        إن التصدى لخدمة دين الله وخدمة الناس به , ليس بالأمر الهين
·        وليس عمل من لاعمل له
·        وليست وسيلة للشهرة والمكانة الاجتماعية
·        إنها مسئولية جسيمة أمام الله
·        حسابها جسيم ..
·        انتبه …  !
·         


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لنتدبر سورة ا\

من على "تويتر " !

 يعنى للذكرى ! فقد قيل أن "تويتر" سيتخلص مما عليه من أحمال (تغريدات سابقة) ! نعم نحن المسلمين مختلفون #المسلم أساس عقيدتنا"ا...