تأخر الوحى (فتر -انقطع )عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال المشركون ..لقد قلاه ربه فنزلت هذه السورة :
ٍسورة الضحى ِ
(وهى –مكية- تنفى انقطاع الوحى وتسرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبشره (والسورة تفصح عن حب الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم)
اختلف العلماء في مدة فتورالوحي الأولى ، فقيل ثلاث سنين ، وقيل قريبا من سنتين ، أو سنتين ونصف ، وقيل اثنا عشر يوما ، وقيل خمسة عشر يوما ، وقيل أربعون يوما ، وقيل غير ذلك
وروى البخاري ومسلم عن جُنْدُبَ بْنَ سُفْيَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: ( اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَتَيْنِ - أَوْ ثَلاَثًا - ، فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ : يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ شَيْطَانُكَ قَدْ تَرَكَكَ ، لَمْ أَرَهُ قَرِبَكَ مُنْذُ لَيْلَتَيْنِ - أَوْ ثَلاَثَةٍ - فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( وَالضُّحَى والليل.......)
- أى أنه بعد سورة العلق كان الانقطاع الأول ثم سورة المدثر وثمانى سورأخرى، ثم انقطاع الوحى الثانى - فكانت فترة الانقطاع الثانى أقصر من الأول إذ كانت يومين أو ثلاثة -
ولعل الحكمة من فتور الوحي مدة : أن يذهب الروع الذي كان قد وجده رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفسه لما نزل عليه جبريل عليه السلام أول مرة ، وليحصل له التهيئة إلى عودة الوحي والاشتياق إليه ، ولتنزل السلوى عليه من الله تعالى ، فيزداد إيمانا وتثبيتا ، وليبتلي الله الناس فيثبت المؤمنين ويضل الكافرين .
أقسم الله – وما أغناه سبحانه عن القسم -
ولكن القسم لجذب الانتباه
وأقسم الله بمتقابلين (الضحى) و (الليل) أو النهار والليل
وهى الظاهرة الكونية الناشئة
من دوران الأرض حول محورها ، أمام الشمس مما
ينتج عنه تبادل الليل والنهار
والضحى فى قول : هو أول النهارعند بزوغ أول ضوء للشمس
أو ظهور قرص الشمس ، وفى قول آخر : كل
النهار –مقابلة مع الليل-
والضحى يعنى حركة الحياة والنشاط والكد والتعب ، أما
الليل فيمثل السكون والهدوء والراحة
والليل
إذا سجى : استقر وهدأ
* وقد أقسم الله تعالى بالليل والنهار فى عدة مواضع
بالقرآن الكريم وذلك للفت النظر لأهميتهما
فمعظم الناس يتعذر عليهم العيش إذ ا ماساد الظلام كل الوقت أو العكس
وفى سورة الضحى
أولا : القسم بالضحى والليل
وكان المقسوم عليه (ماودعك ربك وماقلى) :
ونلاحظ هنا تلطف رب العزة برسوله الحبيب
فجاءت الكلمات موحية بالود ، فكانت " ماودعك" شاملة "ك" ضمير
المخاطب
بينما خلت "قلى" من الضمير
؟
بيان ذلك أن الوداع يكون بين المتحابين أما القلى فبين المتباغضين وأراد
الله أن يكرم رسوله صلى الله عليه وسلم
فجاءت (كاف)
الضمير فى" ودعك" وخلت منها "قلى" –
وفى كلا الحالين
إكرام للرسول الحبيب سواء بالإضافة أو الحذف
المقابلة بين الضحى ، والليل تشير إلى المقابلة بين نزول
الوحى ثم انقطاعه ( توطئة لرجوعه مرة
أخرى)
وكما أن الضحى
يصاحبها السعى والتعب لجلب الرزق ،
ثم يأتى الليل بسكونه وهدوئه ليرتاح الجسد المنهك من تعب النهار فهكذا حال نزول
الوحى حيث يستلزم طاقة من التحمل والتعب
(وكان الرسول يتفصد عرقا ويرتعش"زملونى زملونى" ) فكان الأمر يقتضى بعض
الوقت للراحة
*** وبعدالقسم و التقرير والحكم جاءت
*** البشرى:" وللآخرة خير لك من الأولى" & "ولسوف يعطيك ربك فترضى"
لاحظ (اللام) للتوكيد ، كدلك وجود (الفاء) وليس (اللام) فى كلمة "فترضى" لأن حال رسول الله صلى الله عليه وسلم كان (الرضا) أصلا
ثانيا : التذكيربما سبق :
ألم
يجدك يتيما فآوى : فالله هو من كفلك ورعاك ودبر لك أفكفلك جدك ثم عمك وشملاك بحسن الرعاية والحنان
ووجدك ضالا فهدى : والضلال هنا يعنى الحيرة
بالنسبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد حفظه الله تعالى مما ساد فى
"مكة" من جاهلية ولهو ومجون ---
فلم يسجد لصنم أو يقدم قربانا لصنم ، ولم يفعل كما يفعلون من لهو ومجون -صلى الله عليه وسلم-
إنما المقصود فى الآيات بكلمة"ضالا" فهو حائرا غير مستقر ولا مستريح لما يحدث حوله
وربما كان المعنى أنه صلى الله عليه وسلم ما كان يعلم الغيب لكنه أحس بعدم موافقة حاله وطبيعته النقية مع البيئة حوله
( أو أنه كان "غافلا" بمعنى لايعلم)
"نحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ" 3يوسف
"وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا ۚ
مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَ لَا الْإِيمَانُ وَلَٰكِنْ جَعَلْنَاهُ
نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نشاءُامِنْ عِبَادِنَا ۚ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ
صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ"
"فهدى" ... الكلمة هنا على إطلاقها ؛ فلم تجئ بالضمير للتخصيص (فهداك) { ربما المراد : فهداك وهدى بك العالمين )
ووجدك عائلا فأغنى : ولم تكن ووجدك فقيرا أو محتاجا ... سبحان الله ... ولكن كانت الكلمة الأكثر رقة وودا
"عائلا" أى كثير العيال والإعالة
والنفقة
فأغنى : أيضا تُركت على الإطلاق بلا تخصيص(أغناك) (وربما كان المراد بالمعنى :أغناك وأغنى بك )
- والكلام قد ينطبق أيضا على سائر المؤمنين فكل الانتماء والاطمئنان
والإيواء و الهدى هم بلاشك فضل من الله بنعمة الإسلام
هذه نعم الله (الإيواء – االهدى – الرزق )
وهى تستلزم شكر المُنعم سبحانه وتعالى – والشكر بالعمل
***حددت الآيات هذا الشكر أو
ثالثا : (المطلوبات) وهى ثلاثة :
أولا : عدم قهر اليتيم : أى عدم
ظلمه أو كسر خاطره أو إخافته وتكديره أى الإحسان إليه وحسن معاملته وعدم إشعاره
بفقد أبيه
ثانيا عدم قهر
السائل ذى الحاجة : وقد يقال أن الحاجة قد تكون أيضا لغير المال كأن
يسأل طالب العلم من لديه علما (جبر الخاطر-لين الجانب وحسن المعاملة- التكافل والتعاون وإيفاء الحاجات )
ثالثا : وأما بنعمة ربك فحدث
:
والنعمة تستوجب شكر المنعم وعدم إنكارها
والله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده
وعلى المؤمن أن يحمد الله على نعمه ويفئ بها أيضا على أهله وعلى الناس ما استطاع