الاثنين، 21 ديسمبر 2020

الضحى والليل



تأخر الوحى (فتر -انقطع )عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال المشركون ..لقد قلاه ربه فنزلت هذه السورة :

         ٍسورة الضحى ِ

(وهى –مكية- تنفى انقطاع الوحى وتسرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبشره (والسورة تفصح عن حب الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم)

اختلف العلماء في مدة فتورالوحي الأولى ، فقيل ثلاث سنين ، وقيل قريبا من سنتين ، أو سنتين ونصف ، وقيل اثنا عشر يوما ، وقيل خمسة عشر يوما ، وقيل أربعون يوما ، وقيل غير ذلك  

 وروى البخاري ومسلم عن جُنْدُبَ بْنَ سُفْيَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: ( اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَتَيْنِ - أَوْ ثَلاَثًا - ، فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ : يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ شَيْطَانُكَ قَدْ تَرَكَكَ ، لَمْ أَرَهُ قَرِبَكَ مُنْذُ لَيْلَتَيْنِ - أَوْ ثَلاَثَةٍ - فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( وَالضُّحَى والليل.......)

- أى أنه بعد سورة العلق كان الانقطاع الأول ثم سورة المدثر وثمانى سورأخرى، ثم انقطاع الوحى الثانى - فكانت  فترة الانقطاع الثانى أقصر من الأول إذ كانت يومين أو ثلاثة -

ولعل الحكمة من فتور الوحي  مدة : أن يذهب الروع الذي كان قد وجده رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفسه لما نزل عليه جبريل عليه السلام أول مرة ، وليحصل له التهيئة إلى عودة الوحي والاشتياق إليه ، ولتنزل السلوى عليه من الله تعالى ، فيزداد إيمانا وتثبيتا ، وليبتلي الله الناس فيثبت المؤمنين ويضل الكافرين .

أقسم الله – وما أغناه سبحانه عن القسم -

ولكن القسم لجذب الانتباه                                                            

وأقسم الله بمتقابلين (الضحى) و (الليل) أو النهار والليل

وهى الظاهرة الكونية الناشئة من دوران الأرض حول محورها ، أمام الشمس مما  ينتج عنه تبادل الليل والنهار

والضحى فى قول : هو أول النهارعند بزوغ أول ضوء للشمس أو ظهور قرص الشمس ، وفى قول آخر :  كل النهار –مقابلة مع الليل-

والضحى يعنى حركة الحياة والنشاط والكد والتعب ، أما الليل فيمثل السكون والهدوء والراحة

والليل إذا سجى : استقر وهدأ

* وقد أقسم الله تعالى بالليل والنهار فى عدة مواضع بالقرآن الكريم وذلك للفت النظر لأهميتهما

فمعظم الناس يتعذر عليهم العيش  إذ ا ماساد الظلام كل الوقت  أو العكس

وفى سورة الضحى
أولا : القسم بالضحى والليل

 وكان المقسوم عليه (ماودعك ربك وماقلى) :

ونلاحظ هنا تلطف رب العزة برسوله الحبيب فجاءت الكلمات موحية بالود ، فكانت " ماودعك" شاملة "ك" ضمير المخاطب

بينما خلت "قلى" من  الضمير ؟

بيان ذلك أن الوداع يكون بين المتحابين أما القلى فبين المتباغضين وأراد الله أن يكرم رسوله صلى الله عليه وسلم  فجاءت (كاف)

الضمير فى" ودعك" وخلت منها "قلى" – وفى كلا الحالين

إكرام للرسول الحبيب سواء بالإضافة أو الحذف

المقابلة بين الضحى ، والليل تشير إلى المقابلة بين نزول الوحى  ثم انقطاعه ( توطئة لرجوعه مرة أخرى)

وكما أن الضحى  يصاحبها السعى والتعب لجلب الرزق  ، ثم يأتى الليل بسكونه وهدوئه ليرتاح الجسد المنهك من تعب النهار فهكذا حال نزول الوحى حيث  يستلزم طاقة من التحمل والتعب (وكان الرسول يتفصد عرقا ويرتعش"زملونى زملونى" ) فكان الأمر يقتضى  بعض الوقت للراحة

*** وبعدالقسم و التقرير والحكم  جاءت

*** البشرى:" وللآخرة خير لك من الأولى" & "ولسوف يعطيك ربك فترضى"

                           لاحظ (اللام) للتوكيد  ،  كدلك وجود (الفاء) وليس (اللام) فى كلمة "فترضى" لأن حال رسول الله  صلى الله عليه وسلم كان (الرضا)  أصلا 

ثانيا : التذكيربما سبق :

ألم يجدك يتيما فآوى : فالله هو من كفلك ورعاك ودبر لك أفكفلك جدك ثم عمك وشملاك بحسن الرعاية  والحنان

ووجدك ضالا فهدى : والضلال هنا  يعنى الحيرة بالنسبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد حفظه الله تعالى مما ساد فى "مكة" من جاهلية ولهو ومجون ---

فلم يسجد لصنم أو يقدم قربانا لصنم ، ولم يفعل كما يفعلون من لهو ومجون -صلى الله عليه وسلم- 

إنما المقصود فى الآيات بكلمة"ضالا" فهو حائرا غير مستقر ولا مستريح لما يحدث حوله 

وربما كان المعنى أنه صلى الله عليه وسلم ما كان يعلم الغيب لكنه أحس بعدم موافقة حاله وطبيعته النقية مع البيئة حوله

( أو أنه كان "غافلا" بمعنى لايعلم) 

"نحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ"  3يوسف  

"وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا ۚ مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَ لَا الْإِيمَانُ وَلَٰكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نشاءُامِنْ عِبَادِنَا ۚ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ"  52 الشورى

    "فهدى" ... الكلمة هنا على إطلاقها ؛ فلم تجئ بالضمير للتخصيص (فهداك) { ربما المراد : فهداك وهدى بك العالمين )

ووجدك عائلا فأغنى : ولم تكن  ووجدك فقيرا أو محتاجا ... سبحان الله ... ولكن كانت الكلمة الأكثر رقة وودا "عائلا" أى كثير العيال والإعالة  والنفقة

فأغنى : أيضا تُركت على الإطلاق بلا تخصيص(أغناك) (وربما كان المراد بالمعنى :أغناك وأغنى بك )

- والكلام قد ينطبق أيضا على سائر المؤمنين فكل الانتماء والاطمئنان والإيواء و الهدى  هم  بلاشك فضل من الله بنعمة الإسلام

هذه نعم الله (الإيواء – االهدى – الرزق ) وهى تستلزم شكر المُنعم سبحانه وتعالى – والشكر بالعمل

***حددت الآيات هذا الشكر أو

 ثالثا : (المطلوبات) وهى ثلاثة :

   أولا : عدم قهر اليتيم : أى عدم ظلمه أو كسر خاطره أو إخافته وتكديره أى الإحسان إليه وحسن معاملته وعدم إشعاره بفقد أبيه

 ثانيا عدم قهر السائل ذى الحاجة : وقد يقال أن الحاجة قد تكون أيضا لغير المال كأن يسأل طالب العلم من لديه علما (جبر الخاطر-لين الجانب وحسن المعاملة- التكافل والتعاون وإيفاء الحاجات )

ثالثا : وأما بنعمة ربك فحدث :  والنعمة تستوجب شكر المنعم وعدم إنكارها

             والله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده

             وعلى المؤمن أن يحمد الله على نعمه ويفئ بها أيضا على أهله وعلى الناس ما استطاع

ولعل فى هذه (المطلوبات) الثلاثة إيقاظ للقلوب 
وإشعار بحلاوة السعى إلى الله  وطلب رضاه

الاثنين، 14 ديسمبر 2020

آية الكرسى

"اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إلاهُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيم"ُ  .                        وهى الآية  255 من سورة البقرة

تفسيرها:  

  • 1) -{الله لا إله إلا هو}:بلاشريك، فكل معبود من دونه هو خلق من خلقه     
  • {إلا ليست أداة استثناء وإنما بمعنى "غير" -فليس -سبحانه وتعالى- إلها من بين آلهة وإنما لا إله سواه وليس كمثله شئ
    2)- {الحيّ}: الذي لا يموت ولايهلك (وهى معرفة ب(ال)تفيد الكمال والقصر؛
    فلا حىّ سواه سبحانه وتعالى)
  • فكل شئ هالك إلا وجهه
  • 3)-{القيوم}: الدائم القيام بتدبيرأمور خلقه (القائم على كل شئ- القائم بذاته فلايقوم إلا هو على كل شئ حصرا وكمالا)
  •  ، والقيوم صيغة مبالغة من "قائم"  ،وصفات الله مطلقة
  • وقد ذكرت(الحىّ القيوم) فى القرآن الكريم ثلاث مرات : البقرة(آية الكرسى) ، وآل عمران ، وطه - وقيل أنها الاسم الأعظم لله سبحان الله
  • 4)-{سِنَةٌ}: نعاس وهو ما يتقدم النوم من الفتور{وَلاَ نَوْمٌ}: وكون الله (القيوم) يعنى لايشغله شئ عن هذه الصفة فلانعاس ولانوم ولا غفلة ولا أى شئ يعطلها 
  • (وأفرد كلا من"سنة" و "نوم" ولم يجمعهما ؛ للتوكيد والبيان " وعدم افتراض دخول أداة نفى تشملهما وتنفيهما معا ! )
  • 5)-{من ذا الذي يشفع عنده إلابإذنه}: أى لايملك مخلوق ولايجرؤ أن يشفع عند الله إلا إذا أذن له فهو الملك العزيز_ وقد كان بنو إسرائيل يقولون : هؤلاء هم شفعاؤنا عند الله - يعنون آلهتهم فقد جعل وا لله شركاء -سبحانه-
  • 6)-{يعلم ما بين أيديهم}: {وما خلفهم}: عالم الغيب فهو سبحانه يعلم كل شئ - ماظهر ومابطن - ويعلم الماضى -وماخلفهم-والحاضروالمستقبل - الغيب- أى يعلم المشهود ويعلم الغيب
  •  ولايحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء :علم الله مطلق وموجود منذ الأزل لايعلمه أحد-ومايعده عالم ما(اكتشافا) هو سر موجود مسبقا يعلمه الله ، وما أذن لمخلوق أن يعلمه إلا بمشيئته هو سبحانه فى توقيت أراده هو
  • 7)-{وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السموات والأرض}: كرسيه :أي علمه ( والكراسي تعنى العلماء) ويسمى العلم كرسياً(والكراسة بما تحوى من العلم) وتسمية "الكرسى"تسمية "حسب المكان  وموضع القدم 
  • {ولاأحد يعلم طبيعة (الكرسى) ولا (يد)الله ولا وجهه... -سبحانه- والعلم كله عند الله الخالق العليم
  • و(الكرسي)له خصوصيته ولا إمكانية لوصفه فهو غير معلوم وهو  أقل من العرش- و  الحديث :"ما السماوات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بفلاة وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة" -
                     8)له مافى السماوات والأرض :هذا من كمال القيومية وتقدم(له)يفيد الحصر، و(ما)  هنا تفيد الشمول-عاقل وغير عاقل-  
                    9)- {وَلاَ يَئودُهُ} ولا يثقله ولا يشق عليه-سبحانه- {حِفْظُهُمَا} حفظ السموات والأرض
                   10)-{وهو العلي العظيم}: فلا أعلى منه ولا أعظ جلاله وسلطانه م فى
وجاءت الكلمات اثنتين اثنتين : الحى القيوم ، 
السماوات/الأرض ، أيديهم/ماخلفهم ، العلى/العظيم
فضلها : 
هى سيدة آيات القرآن - وموضوعها عن (الله) سبحانه وتعالى
وقيل إن فيها اسم الله الأعظم - وإنه (الحىّ القيوم)
وأيضا:من اسماء الله الحسنى فيها "العلىّ العظيم)
* وقال  صلى الله عليه وسلم : "من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة لم يحل بينه وبين دخول الجنة إلا الموت

·وهلى طاردة للشيطان :

عن جابر بن عبد الله -رضى الله عنه قال :

       وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام، فأخذته وقلت: لأرفعنك إلى رسول الله، قال: إني محتاج، وعلي عيال، ولي حاجة شديدة. قال: فخليت عنه. فأصبحت، فقال النبي: يا أبا هريرة، ما فعل أسيرك البارحة ؟ قال: قلت: يا رسول الله، شكا حاجة شديدة وعيالاً، فرحمته وخليت سبيله. قال: أما إنه قد كذبك وسيعود. فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله: إنه سيعود. فرصدته فجاء يحثو من الطعام، فأخذته، فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله. قال: دعني، فإني محتاج، وعلي عيال، لا أعود. فرحمته وخليت سبيله، فأصبحت فقال لي رسول الله: يا أبا هريرة، ما فعل أسيرك البارحة ؟ قلت: يا رسول الله شكا حاجة وعيالاً فرحمته فخليت سبيله. قال: أما إنه قد كذبك وسيعود . فرصدته الثالثة، فجاء يحثو من الطعام، فأخذته، فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله. وهذا آخر ثلاث مرات أنك تزعم أنك لا تعود، ثم تعود . فقال: دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها. قلت: ما هن. قال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي: { الله لا إله إلا هو الحي القيوم } حتى تختم الآية، فإنك لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، فخليت سبيله، فأصبحت فقال لي رسول الله: ما فعل أسيرك البارحة ؟ قلت: يا رسول الله، زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها، فخليت سبيله . قال: وما هي ؟

قال: قال لي: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية: { الله لا إله إلا هو الحي القيوم } وقال لي: لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح - وكانوا أحرص شيء على الخير - فقال النبي: أما إنه صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب ثلاث ليال يا أبا هريرة ؟ قلت: لا، قال: ذاك شيطان

الأحد، 13 ديسمبر 2020

يوسف بن تاشفين/القائد المغربى العظيم/"أميرالمسلمين وناصرالدين"

      ---------------------------------------------------------------------------------------------

يوسف بن تاشفين

يوسف المغرب هو يوسف بن تاشفين ناصر الدين بن تالاكاكين (ح. 1006 - 1106) ثاني ملوك المرابطين في المغرب بعد عمه أو ابن عمه أبو بكر بن عمر. و اتخذ لقب "أمير المسلمين" اعظم ملك مسلم في وقته. اسس اول امبراطورية في الغرب الاسلامي من حدود تونس حتى غانا جنوبا و الاندلس شمالا و انقذ الاندلس من ضياع محقق و هو بطل معركة الزلاقة و قائدها. وحد وضم كل ملوك الطوائف في الأندلس إلى دولته بالمغرب (ح. 1090) بعدما استنجد به أمير أشبيلية.

عرف بالتقشف و الزهد رغم اتساع امبراطوريته كان شجاعا و اسدا هسورا. قال "الذهبي" في "سير أعلام النبلاء":

كان ابن تاشفين كثير العفو، مقربًا للعلماء، وكان أسمر نحيفًا، خفيف اللحية، دقيق الصوت، سائسًا، حازمًا، يخطب لخليفة العراق... ووصفه "ابن الأثير" في "الكامل" بقوله:

كان حليمًا كريمًا، دينًا خيرًا، يحب أهل العلم والدين، ويحكّمهم في بلاده، ويبالغ في إكرام العلماء والوقوف عند إشارتهم، وكان إذا وعظه أحدُهم، خشع عند استماع الموعظة، ولان قلبُه لها، وظهر ذلك عليه، وكان يحب العفو والصفح عن الذنوب العظام...

تاريخ المغرب

العصور القديمة
أطلنط • فينيقيون • البونيقيون
الرومان • وندال • بيزنطيون
الفتح الإسلامي (681 - 789)
الأمويون • ثورات الأمازيغ
تأسيس المغرب
أدارسة • إمارة سجلماسة
مملكة نكور • برغواطة
الخلافة القرطبية والفاطمية
الخلافة القرطبية • الخلافة الفاطمية
بنو يفرن • مكانسة• المغراويون
السلالات الأمازيعية (1040-1554)
المرابطون • الموحدون
المرينيون • الوطاسيون
سلالات الأشراف (منذ 1509)
السعديون • العلويون

المحمية الاوروپية (1912-1956)
أزمة طنجة • مؤتمر الجزيرة الخضراء
أزمة أغادير • معاهدة فاس
الحماية الفرنسية • الحماية الإسپانية
حرب الريف • معركة أنوال
الظهير البربري • بيان الاستقلال
التاريخ المعاصر (منذ 1956)
المغرب الكبير • محمد الخامس • الحسن الثاني
حرب الرمال • انقلاب 1972
إنقلاب الصخيرات • اتفاق مدريد
المسيرة الخضراء • نزاع الصحراء الغربية
سنوات الرصاص • محمد السادس• احتجاجات 2011


يوسف بن تاشفين (وقيام دولة المرابطين في المغرب )

هو يوسف بن تاشفين بن إبراهيم بن ترقنت المصالي الصنهاجي اللمتوني الحميري، أبو يعقوب. أمير المسلمين ومؤسس الدولة المرابطية، وأول من دعي بأمير المسلمين، وباني مدينة (مراكش). ولد في صحراء المغرب، ولما بلغ مرحلة الشباب ولاه عمه أبو بكر بن عمر اللمتوني إمارة البربر، وبايعه أشياخ المرابطين.

ورث يوسف بن تاشفين عند تولية قيادة الحركة المرابطية في سنة 463هـ كل النتائج الإيجابية التي حققها قبله في المغرب عبد الله بن ياسين القائد الروحي للمرابطين، وأبو بكر بن عمر. فاتخذ من سجلماسة قاعدة جنوبية لدولته. وبفضله صارت مركز تجمع للصنهاجيين الصحراويين الجنوبيين، وخصوصا من قبائل لمتونة ومسوفة وجدالة، واهتم كذلك بمراكش وسهلها، فاتسع العمران فيها وأصبحت بالفعل عاصمة دولة كبيرة.

لما جاء يوسف بن تاشفين تابع مسيرة أسلافه، فبدأ بمحاربة ما تبقى من بقايا المغراويين الزناتيين الذين كانوا يسودون من قبل هذه المنطقة ومن فيها من الصنهاجيين، فمد سلطانه إلى تادلا ووصل إلى أبواب ريف تامسنا وجبال الريف الجنوبية التي كانت موطن البرغواطيين. كما حارب الزناتيين الذين كانوا يسيطرون على حوض وادي سبو.

وبهذا امتد سلطان المرابطين فشمل جبال الريف وريف تامسنا ووصل إلى طنجة، وقد اجتهد يوسف أثناء حربه تلك في القضاء على كل الفرق الضالة، وخاصة منها الفرقة البرغواطية، فمحا معالمها وأرسى قواعد الإسلام الصحيحة. وكان هذا العمل الذي قام به ابن تاشفين استمرارا للعمل الذي قام به الأدارسة في سبيل نشر الإسلام السني الصحيح في المغرب الأقصى. بعد ذلك، دخل يوسف بن تاشفين مدينة فاس، فأقدم فيها على إصلاحات هامة، وجعلها مدينة واحدة بعد أن كانت مدينتين، وأدار عليها سورا حصينا، وأكثر فيها من بناء المساجد...

كما نجح يوسف بن تاشفين بعد ذلك في التغلب على كل القبائل صاحبة السلطان في هذه النواحي، وخاصة غمارة ومكناسة وغياثة وبني مكود.. ودخل في طاعته شيوخ القبائل في ناحية تلمسان، ثم مد يوسف بن تاشفين سلطان المرابطين حتى مدينة الجزائر. عقب ذلك تمكن من الاستيلاء على سبتة وطنجة.. وبذلك يكون يوسف قد وحد المغرب الأقصى كله تحت سلطانه من سجلماسة إلى طنجة، بل وصل بحدوده إلى تلمسان والجزائر، وهذه هي المرة الأولى التي يتوحد فيها المغرب الأقصى وجزء كبير من المغرب الأوسط تحت إمرة واحدة.

وهكذا أسس دولة كبرى امتدت حدودها بين إفريقية والمحيط الأطلسي، وما بين البحر المتوسط إلى حدود السودان. ولهذا يعتبر يوسف بن تاشفين منشئ المغرب الأقصى الموحد وواضع أساس وحدة بلاد المغرب، وقد أكمل بذلك ما بدأ به الفاتحون العرب. اعتمد يوسف بن تاشفين في تنظيم دولته الواسعة على التنظيم القبلي، أي أنه اعتمد في إقرار الأمن وجباية الأموال على القبائل الصنهاجية السائدة في النواحي، واعتبرها مسؤولة عن ذلك، وأرسل لها القضاة، واجتهد في القضاء على كل محاولة للزناتيين في استعادة السلطان من أي ناحية من نواحي المغرب.

وحرص يوسف بن تاشفين، إلى جانب ذلك، على نشر الإسلام السني الصحيح عن طريق الشيوخ والفقهاء الذين كان يرسلهم إلى منازل القبائل ويأمرهم ببناء المساجد والعناية بتحفيظ القرآن وتعلم اللغة العربية. وكانت العادة أن يعهد يوسف في حكومة النواحي وولاية المدن إلى رؤساء من القبائل الصنهاجية التي حملت عبء الدولة المرابطية وهي لمتونة ومسوفة وجدالة، ثم انضمت إليها لمطة وجزولة وتارجا وبعض القبائل الأقل أهمية. وكانت هذه الروح الجهادية العصب الحقيقي الذي استمدت منه الدولة المرابطية قوتها.

الأندلس

وبعد أن قوي ساعده واستقرت دولته وتوسعت، لجأ إليه مسلمو الأندلس طالبين الغوث والنجدة، حيث كانت أحوال الأندلس تسوء يوماً بعد يوم، فملوك الطوائف لقبوا أنفسهم بالخلفاء، وخطبوا لأنفسهم على المنابر، وضربوا النقود بأسمائهم، وصار كل واحدٍ منهم يسعى للاستيلاء على ممتلكات صاحبه، لا يضره الاستعانة بالإسبان النصارى أعداء المسلمين لتحقيق أهدافه، واستنابوا الفساق، واستنجدوا بالنصارى وتنازلوا لهم عن مداخل البلاد ومخارجها. وأدرك النصارى حقيقة ضعفهم فطلبوا منهم المزيد. ولقد استجاب ابن تاشفين لطلب المسلمين المستضعفين، وفي ذلك يقول الفقيه ابن العربي: «فلبّأهم أمير المسلمين ومنحه اللـه النصر، وألجم الكفار السيف، واستولى على من قدر عليه من الرؤساء من البلاد والمعاقل، وبقيت طائفة من رؤساء الثغر الشرقي للأندلس تحالفوا مع النصارى، فدعاهم أمير المسلمين إلى الجهاد والدخول في بيعة الجمهور، فقالوا: لا جهاد إلا مع إمام من قريش ولستَ به، أو مع نائبه وما أنت ذلك، فقال: أنا خادم الإمام العباسي، فقالوا له: أظهر لنا تقديمه إليك، فقال: أو ليست الخطبة في جميع بلادي له؟ فقالوا: ذلك احتيال، ومردوا على النفاق».

وحتى يكون ابن تاشفين أميراً شرعياً أرسل إلى الخليفة العباسي يطلب منه توليته. ويقول السيوطي في كتابه تاريخ الخلفاء: «وفي سنة تسع وسبعين أرسل يوسف بن تاشفين صاحب سبتة ومراكش إلى المقتدي يطلب أن يسلطنه وأن يقلده ما بيده من البلاد فبعث إليه الـخُلَعَ والأَعلام والتقليدَ ولقّبه بأمير المسلمين، ففرح بذلك وسُر به فقهاء المغرب». وبعد أن زاد ضغط النصارى الإسبان القادمين من الشمال استنجد بابن تاشفين المعتمد بن عباد، ونُقِلَ عنه في كتاب دراسات في الدولة العربية في المغرب والأندلس أنه قال: «رعي الـجِمال عندي خير من رعي الخنازير» وذلك كناية عن تفضيله للسيادة الإسلامية، ودخل المعتمد مع ابن تاشفين الأندلس شمالاً وقاد ابن تاشفين الجيوش الإسلامية وقاتل النصارى قتالاً شديداً وكانت موقعة الزلاّقة من أكبر المعارك التي انتصر فيها المسلمون انتصاراً كبيراً على الإسبان، وهُزم ملكهم ألفونسو السادس هزيمة منكرة. وعلى أثر هذه الموقعة خَلَعَ ابنُ تاشفين جميعَ ملوك الطوائف من مناصبهم ووحّد الأندلس مع المغرب في ولاية واحدة لتصبح: أكبر ولاية إسلامية في دولة الخلافة.

رسالة يوسف بن تاشفين رداً على رسائل تطلب اطلاق سراح المعتمد بن عباد حاكم قرطبة وإشبيلية
"تقولون، لنرحم الرجل فقد كبر سنه وذهبت دولته ولم يعد يملك من الأمر شيئا.وهو ما سلّم حتى قَتل منا نفرا كثيرا ،وقد لقينا منه ما لم نلق من الروميّ وجيشه، فما بالكم ... تذكرون آخر الأمر ولا تذكرون أوّله، وتذكرون العاقبة وتنسون الأسباب تتشفّعون لي فيه وتقولون، ارحموا عزيز قوم ذُل، وما ذل حتى أذل، وإنما إذلاله إذلال رجل واحد، وكان ذله ذل أمة بأكملها."

وكان الانتصار الذي حققه يوسف بن تاشفين في معركة الزلاقة باعثا على مبايعة ملوك الأندلس وأمرائها له، وسموه أميرا للمسلمين، وقد أراد بعض أشياخ المرابطين أن يحملوه على اتخاذ لقب الخليفة فأبى واكتفى بلقب أمير المسلمين. عاد إلى مراكش بعد وقعة الزلاقة فجهز جيشا كبيرا، وفي سنة 481 هـ عبر ابن تاشفين للمرة الثانية البحر في اتجاه الأندلس، فتمكن من الاستيلاء على عدة مدن أبرزها غرناطة ومالقة .

ولما تم الاستيلاء على إسبانيا اجتاز ابن تاشفين البحر إلى الأندلس للمرة الثالثة سنة 496 هـ (1103م)، حيث دعا في قرطبة القادة والولاة وزعماء القبائل المغربية إلى اجتماع أعلن فيه توليته العهد إلى ابنه علي الذي كان قد صحبه هذه المرة، وكتبت بذلك وثيقة أشهد عليها المجتمعين فبايعوا عليا، وعاد ابن تاشفين إلى مراكش وخلف ابنه عليا في الأندلس واليا عليها وحاكما بها.

أمير المسلمين

يقول صاحب الـحُلَل الـمَوْشِيّة: (ولما ضخمت مملكة يوسف بن تاشفين واتسعت عمالته، اجتمعت إليه أشياع قبيلته، وأعيان دولته، وقالت له: أنت خليفة اللـه في أرضه، وحقك أكبر من أن تدعى بالأمير، بل ندعوك بأمير المؤمنين. فقال لهم: حاشا للـه أن نتسمى بهذا الاسم، إنما يتسمى به خلفاء بني العباس لكونهم من تلك السلالة الكريمة، ولأنهم ملوك الحرمين مكة والمدينة، وأنا راجلهم والقائم بدعوتهم، فقالوا له: لا بد من اسم تمتاز به، فأجاب إلى «أمير المسلمين وناصر الدين» وخطب لهم بذلك في المنابر وخوطب به من العُدْوَتَيْن - أي المغرب والأندلس -).يقول السلامي الناصري في الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى: «إنما احتاج أمير المسلمين إلى التقليد من الخليفة العباسي مع أنه كان بعيداً عنه، وأقوى شوكة منه، لتكون ولايته مستندة إلى الشرع… وإنما تسمى بأمير المسلمين دون أمير المؤمنين أدباً مع الخليفة حتى لا يشاركه في لقبه، لأن لقب أمير المؤمنين خاص بالخليفة، والخليفة من قريش».

النقد الشرعي

ومن علامات التقوى والتمسك بأهداب الدين تمسك الأمراء والحكام بالنقد الشرعي، وفي ذلك يقول ابن الخطيب في كتابه الإحاطة: (كان درهمه فضة، وديناره تبراً محضاً، في إحدى صفحتيه «لا إله إلا اللـه محمد رسول اللـه»، وتحت ذلك «أمير المسلمين يوسف بن تاشفين»، وفي الدائر ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين، وفي الصفحة الأخرى «الإمام عبد اللـه أمير المؤمنين» وفي الدائرة «تاريخ ضربه وموضع سكه»). وعبد اللـه اصطلاحاً هو كنية يصلح لاسم كل خليفة عباسي.

واتخذ يوسف السواد شعاراً للمرابطين، وهو نفس شعار الدولة العباسية، ورفع شعار السواد يدل على التمسك بالسنة والتمسك بالوحدة وعدم شق جماعة المسلمين، إضافة إلى أن راية رسول اللـه صلى الله عليه وسلم كانت سوداء. لقد ذاع صيت ابن تاشفين بين العلماء والقضاة بشكل خاص وبين الناس بشكل عام فتناقلوا أخباره وصفاته، وتواتر عنهم نقل صفات الجهاد والعدل والزهد والإخلاص والتمسك بالإسلام وبدولة المسلمين الشرعية، حتى أثنى عليه معظم العلماء والفقهاء.

وفاته وذكراه

استقر يوسف ابن تاشفين بعد ذلك في قصره بمراكش، إلى أن توفي سنة 500 هـ عن عمر ناهز المائة سنة بعد حياة حبلى بالإنجازات والبطولات.

ولا شك في أن يوسف بن تاشفين يعد من أعاظم رجالات المغرب الإسلامي الذين كان لهم أثر ملموس في توجيه تاريخه، إذ قام بدور طلائعي في تاريخ المغرب. فقد قاد حركة واسعة لتعريب القبائل البربرية سواء في جنوب المغرب أو في شرقه. كما أسهم بشكل فعال في ترسيخ مبادئ الإسلام في المغرب أولا، ثم في الأندلس بعد ذلك. فإليه يرجع الفضل أولا وأخيرا في إنقاذ الإسلام في الأندلس مما يهدده من أخطار خاصة خلال النصف الثاني من القرن الخامس الهجري.

قالوا فيه

جاء في الخطاب المطول الذي رفعه الفقيه المعروف بابن العربي واسمه عبد اللـه بن عمر: «… الأمير أبو يعقوب يوسف بن تاشفين المتحرك بالجهاد، المتجهز إلى المسلمين باستئصال فئة العناد، ولمة الفساد، قام بدعوة الإمامة العباسية والناس أشياع، وقد غلب عليهم قوم دعوا إلى أنفسهم ليسوا من الرهط الكريم ولا من شعبه الطاهر الصميم، فنبّه جميع من كان في أفق قيامه بالدعوة الإمامية العباسية، وقاتل من توقف عنها منذ أربعين عاماً إلى أن صار جميع من في جهة المغارب على سعتها وامتدادها له طاعة، واجتمعت بحمد اللـه على دعوته الموفقة الجماعة، فيخطب الآن للخلافة، بسط اللـه أنوارها، وأعلى منارها على أكثر من ألفي منبر وخمسمائة منبر، فإن طاعته ضاعفها اللـه من أول بلاد اللـه الإفرنج، استأصل اللـه شأفتهم، ودمّر جملتهم إلى آخر بلاد السوس مما يلي غانة، وهي بلاد معادن الذهب، والحافة بين الحدين المذكورين مسيرة خمسة أشهر، وله وقائع في جميع أصناف الشرك من الإفرنج وغيرهم، قد فللت غربهم، وقللت حزبهم، وألفت مجموعة حربهم، وهو مستمر على مجاهدتهم ومضايقتهم في كل أفق، وعلى كل الطرق، ولقد وصل إلى ديار المشرق في هذا العام قاضٍ من قضاة المغرب يعرف بابن القاسم، ذكر من حال هذا الأمير ما يؤكد ما ذكرته، ويؤيد ما شرحته، وقد خصّه اللـه بفضائل، منها الدين المتين، والعدل المستبين، وطاعة الإمام، وابتداء جهاده بالمحاربة على إظهار دعوته، وجمع المسلمين على طاعته، والارتباط بحماية الثغور، وهو ممن يقسم بالسوية، ويعدل في الرعية، وواللـه ما في طاعته مع سعتها دانٍ منه، ولا ناءٍ عنه من البلاد ما يجري فيه على أحد من المسلمين رسم مَكْسٍ، وسبل المسلمين آمنة، ونقوده من الذهب والفضة سليمة من الشرب، مطرزة باسم الخلافة ضاعف اللـه تعظيمها وجلالها. هذه حقيقة حاله واللـه يعلم أني ما أسهبت ولا لغوت بل لعلي أغفلت أو قصرت». وجاء رد الخليفة بخط يده وبمداد ممسك: «… إن ذلك الولي الذي أضحى بحبل الإخلاص معتصماً، ولشرطه ملتزماً، وإلى أداء فروضه مسابقاً، وكل فعله فيما هو بصدده للتوفيق مساوقاً، لا ريبة في اعتقاده، ولا شك في تقلده من الولاء، طويل نجاده، إذا كان من غدا بالدين تمسكه، وفي الزيادة عنه مسلكه، حقيقاً بأن يستتب صلاح النظام على يده، ويستشف من يومه حسن العقبى في غده، وأفضل من نحاه، وعليه من الاجتهاد دار رحاه، جهاد من يليه من الكفار، وإتيان ما يقضي عليهم بالاجتياح والبوار، اتباعاً لقول القرآن: ﴿قاتلوا الذين يلونكم من الكفار﴾ فهذا هو الواجب اعتماده، الذي يقوم به الشرع عماده».

وللغزالي قول فيه رد على طلب ابن العربي منه لفتوى بحقه نقتبس منه: «لقد سمعت من لسانه -ابن العربي- وهو الموثوق به، الذي يستغنى مع شهادته عن غيره، وعن طبقة من ثقاة المغرب الفقهاء وغيرهم من سيرة هذا الأمير أكثر اللـه في الأمراء أمثاله، ما أوجب الدعاء لأمثاله، فلقد أصاب الحق في إظهار الشعار الإمام المستظهري، وإذا نادى الملك المستولي بشعار الخلافة العباسية وجب على كل الرعايا والرؤساء الإذعان والانقياد، ولزمهم السمع والطاعة، وعليهم أن يعتقدوا أن طاعته هي طاعة الإمام، ومخالفته مخالفة الإمام، وكل من تمرد واستعصى وسل يده عن الطاعة فحكمه حكم الباغي، وقد قال اللـه الله: ﴿وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تـفـيء إلى أمر اللـه﴾ والفيئـة إلى أمـر اللـه الرجوع إلى السلطان العادل المتمسك بولاء الإمام الحق المنتسب إلى الخلافة العباسية، فكل متمرد على الحق فإنه مردود بالسيف إلى الحق، فيجب على الأمير وأشياعه قتال هؤلاء المتمردة عن طاعته لا سيما وقد استنجدوا بالنصارى المشركين أوليائهم، وهم أعداء اللـه في مقابلة المسلمين الذين هم أولياء اللـه، فمن أعظم القربات قتالهم إلى أن يعودوا إلى طاعة الأمير العادل المتمسك بطاعة الخلافة العباسية، ومهما تركوا المخالفة وجب الكف عنهم، وإذا قاتلوا لم يجز أن يتبع مدبرهم، ولا أن (ينزف) على جريحهم…. وأما من يظفر به من أموالهم فمردود عليهم أو على ورثتهم، وما يؤخذ من نسائهم وذراريهم في القتال مهدرة لا ضمان فيها… ويجب على حضرة الخليفة التقليد فإن الإمام الحق عاقلة أهل الإسلام، ولا يحل له أن يترك في أقطار الأرض فتنة ثائرة إلا ويسعى في إطفائها بكل ممكن. قال عمر رضي اللـه عنه: «لو تركت جرباء على ضفة الفرات لم تُطل بالهناء -القِطر- فأنا المسؤول عنها يوم القيامة». فقال عمر بن عبد العزيز: «خصماؤك يا أمير المؤمنين»، يعني أنك مسؤول عن كل واحد منهم إن ضيعت حق اللـه فيهم أو أقمته فلا رخصة في التوقف عن إطفاء الفتنة في قرية تحوي عشرة فكيف في أقاليم».

بيبليوگرافيا

  • Richard Fletcher, Moorish Spain, (University of California Press, 1992)
  • ابن عذارىالبيان المغرب الجزء الثالث.
  • N. Levtzion & J.F.P. Hopkins, Corpus of early Arabic sources for West African history, Cambridge University Press, 1981, ISBN 0521224225 (reprint: Markus Wiener, Princeton, 2000, ISBN 1-55876-241-8). Contains English translations of extracts from medieval works dealing with the Almoravids; the selections cover some (but not all) of the information above.
  • E. A. FreemanHistory and Conquests of the Saracens, (Oxford, 1856)
  • Codera, Decadencia y desaparicion de los Almoravides en España (1889)
  • H. R. IdrisRegierung und Verwaltung des vorderen Orients in islamischer Zeit, (Brill Academic Publishers, 1997)
سبقه
أبو بكر بن عمر
المرابطتبعه
علي بن يوسف
منقول عن "المعرفة"   يوسف_بن_تاشفينmarefa.org          

لنتدبر سورة ا\

من على "تويتر " !

 يعنى للذكرى ! فقد قيل أن "تويتر" سيتخلص مما عليه من أحمال (تغريدات سابقة) ! نعم نحن المسلمين مختلفون #المسلم أساس عقيدتنا"ا...