﴿ بِسْمِ اللّهِ
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾
طه ﴿١﴾ ما أَنزَلنا عَلَيكَ القُرآنَ لِتَشقى ﴿٢﴾ إِلّا تَذكِرَةً لِمَن
يَخشى ﴿٣﴾ تَنزيلًا مِمَّن خَلَقَ الأَرضَ وَالسَّماواتِ العُلَى﴿٤﴾ الرَّحمـنُ عَلَى العَرشِ استَوى ﴿٥﴾ لَهُ ما فِي السَّماواتِ
وَما فِي الأَرضِ وَما بَينَهُما وَما تَحتَ الثَّرى﴿٦﴾ وَإِن تَجهَر بِالقَولِ
فَإِنَّهُ يَعلَمُ السِّرَّ وَأَخفَى ﴿٧﴾ اللَّـهُ لا إِلـهَ إِلّا
هُوَ لَهُ الأَسماءُ الحُسنى ﴿٨﴾ وَهَل أَتاكَ حَديثُ موسى ﴿٩﴾ إِذ رَأى نارًا فَقالَ لِأَهلِهِ امكُثوا إِنّي آنَستُ نارًا لَعَلّي
آتيكُم مِنها بِقَبَسٍ أَو أَجِدُ عَلَى النّارِ هُدًى ﴿١٠﴾ فَلَمّا أَتاها نودِيَ يا
موسى ﴿١١﴾ إِنّي أَنا رَبُّكَ فَاخلَع نَعلَيكَ إِنَّكَ بِالوادِ المُقَدَّسِ
طُوًى ﴿١٢﴾ وَأَنَا اختَرتُكَ
فَاستَمِع لِما يوحى ﴿١٣﴾ إِنَّني أَنَا اللَّـهُ لا
إِلـهَ إِلّا أَنا فَاعبُدني وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكري ﴿١٤﴾ إِنَّ السّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ
أُخفيها لِتُجزى كُلُّ نَفسٍ بِما تَسعى ﴿١٥﴾ فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنها مَن لا يُؤمِنُ بِها
وَاتَّبَعَ هَواهُ فَتَردى ﴿١٦﴾ وَما تِلكَ بِيَمينِكَ يا
موسى ﴿١٧﴾ قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمي
وَلِيَ فيها مَآرِبُ أُخرى ﴿١٨﴾ قالَ أَلقِها يا موسى ﴿١٩﴾ فَأَلقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسعى ﴿٢٠﴾قالَ خُذها وَلا تَخَف
سَنُعيدُها سيرَتَهَا الأولى ﴿٢١﴾ وَاضمُم يَدَكَ إِلى
جَناحِكَ تَخرُج بَيضاءَ مِن غَيرِ سوءٍ آيَةً أُخرى﴿٢٢﴾ لِنُرِيَكَ مِن آياتِنَا
الكُبرَى ﴿٢٣﴾ اذهَب إِلى فِرعَونَ إِنَّهُ طَغى ﴿٢٤﴾ قالَ رَبِّ اشرَح لي
صَدري ﴿٢٥﴾ وَيَسِّر لي أَمري ﴿٢٦﴾ وَاحلُل عُقدَةً مِن
لِساني ﴿٢٧﴾ يَفقَهوا قَولي﴿٢٨﴾ وَاجعَل لي وَزيرًا مِن أَهلي ﴿٢٩﴾ هارونَ أَخِي ﴿٣٠﴾اشدُد بِهِ أَزري ﴿٣١﴾ وَأَشرِكهُ في أَمري ﴿٣٢﴾ كَي نُسَبِّحَكَ كَثيرًا ﴿٣٣﴾ وَنَذكُرَكَ كَثيرًا ﴿٣٤﴾ إِنَّكَ كُنتَ بِنا
بَصيرًا ﴿٣٥﴾ قالَ قَد أوتيتَ سُؤلَكَ يا موسى ﴿٣٦﴾ وَلَقَد مَنَنّا عَلَيكَ
مَرَّةً أُخرى ﴿٣٧﴾ إِذ
أَوحَينا إِلى أُمِّكَ ما يوحى ﴿٣٨﴾ أَنِ اقذِفيهِ فِي التّابوتِ
فَاقذِفيهِ فِي اليَمِّ فَليُلقِهِ اليَمُّ بِالسّاحِلِ يَأخُذهُ عَدُوٌّ لي
وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلقَيتُ عَلَيكَ مَحَبَّةً مِنّي وَلِتُصنَعَ عَلى عَيني ﴿٣٩﴾ إِذ تَمشي أُختُكَ فَتَقولُ هَل أَدُلُّكُم
عَلى مَن يَكفُلُهُ فَرَجَعناكَ إِلى أُمِّكَ كَي تَقَرَّ عَينُها وَلا تَحزَنَ
وَقَتَلتَ نَفسًا فَنَجَّيناكَ مِنَ الغَمِّ وَفَتَنّاكَ فُتونًا فَلَبِثتَ سِنينَ
في أَهلِ مَديَنَ ثُمَّ جِئتَ عَلى قَدَرٍ يا موسى ﴿٤٠﴾ وَاصطَنَعتُكَ لِنَفسِي ﴿٤١﴾ اذهَب أَنتَ وَأَخوكَ
بِآياتي وَلا تَنِيا في ذِكرِي ﴿٤٢﴾ اذهَبا إِلى فِرعَونَ
إِنَّهُ طَغى ﴿٤٣﴾ فَقولا لَهُ قَولًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَو يَخشى ﴿٤٤﴾قالا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ
أَن يَفرُطَ عَلَينا أَو أَن يَطغى ﴿٤٥﴾ قالَ لا تَخافا إِنَّني
مَعَكُما أَسمَعُ وَأَرى ﴿٤٦﴾ فَأتِياهُ فَقولا إِنّا
رَسولا رَبِّكَ فَأَرسِل مَعَنا بَني إِسرائيلَ وَلا تُعَذِّبهُم قَد جِئناكَ
بِآيَةٍ مِن رَبِّكَ وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الهُدى ﴿٤٧﴾ إِنّا قَد أوحِيَ إِلَينا
أَنَّ العَذابَ عَلى مَن كَذَّبَ وَتَوَلّى ﴿٤٨﴾ قالَ فَمَن رَبُّكُما يا
موسى ﴿٤٩﴾ قالَ رَبُّنَا الَّذي أَعطى كُلَّ شَيءٍ خَلقَهُ ثُمَّ هَدى ﴿٥٠﴾ قالَ فَما بالُ القُرونِ الأولى﴿٥١﴾قالَ عِلمُها عِندَ رَبّي
في كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبّي وَلا يَنسَى﴿٥٢﴾ الَّذي جَعَلَ لَكُمُ الأَرضَ
مَهدًا وَسَلَكَ لَكُم فيها سُبُلًا وَأَنزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخرَجنا
بِهِ أَزواجًا مِن نَباتٍ شَتّى﴿٥٣﴾ كُلوا وَارعَوا أَنعامَكُم إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى﴿٥٤﴾ مِنها خَلَقناكُم وَفيها نُعيدُكُم وَمِنها نُخرِجُكُم تارَةً أُخرى ﴿٥٥﴾ وَلَقَد أَرَيناهُ آياتِنا كُلَّها فَكَذَّبَ وَأَبى ﴿٥٦﴾قالَ أَجِئتَنا
لِتُخرِجَنا مِن أَرضِنا بِسِحرِكَ يا موسى ﴿٥٧﴾فَلَنَأتِيَنَّكَ بِسِحرٍ
مِثلِهِ فَاجعَل بَينَنا وَبَينَكَ مَوعِدًا لا نُخلِفُهُ نَحنُ وَلا أَنتَ
مَكانًا سُوًى ﴿٥٨﴾ قالَ مَوعِدُكُم يَومُ الزّينَةِ وَأَن يُحشَرَ النّاسُ ضُحًى ﴿٥٩﴾ فَتَوَلّى فِرعَونُ فَجَمَعَ كَيدَهُ ثُمَّ أَتى ﴿٦٠﴾ قالَ لَهُم موسى وَيلَكُم لا تَفتَروا عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا فَيُسحِتَكُم بِعَذابٍ
وَقَد خابَ مَنِ افتَرى ﴿٦١﴾فَتَنازَعوا أَمرَهُم
بَينَهُم وَأَسَرُّوا النَّجوى ﴿٦٢﴾ قالوا إِن هـذانِ
لَساحِرانِ يُريدانِ أَن يُخرِجاكُم مِن أَرضِكُم بِسِحرِهِما وَيَذهَبا
بِطَريقَتِكُمُ المُثلى ﴿٦٣﴾ فَأَجمِعوا كَيدَكُم
ثُمَّ ائتوا صَفًّا وَقَد أَفلَحَ اليَومَ مَنِ استَعلى ﴿٦٤﴾ قالوا يا موسى
إِمّا أَن تُلقِيَ وَإِمّا أَن نَكونَ أَوَّلَ مَن أَلقى ﴿٦٥﴾ قالَ بَل أَلقوا
فَإِذا حِبالُهُم وَعِصِيُّهُم يُخَيَّلُ إِلَيهِ مِن سِحرِهِم أَنَّها
تَسعى ﴿٦٦﴾ فَأَوجَسَ في
نَفسِهِ خيفَةً موسى ﴿٦٧﴾ قُلنا لا تَخَف
إِنَّكَ أَنتَ الأَعلى ﴿٦٨﴾ وَأَلقِ ما في
يَمينِكَ تَلقَف ما صَنَعوا إِنَّما صَنَعوا كَيدُ ساحِرٍ وَلا يُفلِحُ السّاحِرُ
حَيثُ أَتى ﴿٦٩﴾ فَأُلقِيَ
السَّحَرَةُ سُجَّدًا قالوا آمَنّا بِرَبِّ هارونَ وَموسى ﴿٧٠﴾ قالَ آمَنتُم لَهُ
قَبلَ أَن آذَنَ لَكُم إِنَّهُ لَكَبيرُكُمُ الَّذي عَلَّمَكُمُ السِّحرَ
فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيدِيَكُم وَأَرجُلَكُم مِن خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُم في
جُذوعِ النَّخلِ وَلَتَعلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذابًا وَأَبقى ﴿٧١﴾ قالوا لَن
نُؤثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ البَيِّناتِ وَالَّذي فَطَرَنا فَاقضِ ما أَنتَ
قاضٍ إِنَّما تَقضي هـذِهِ الحَياةَ الدُّنيا ﴿٧٢﴾ إِنّا آمَنّا
بِرَبِّنا لِيَغفِرَ لَنا خَطايانا وَما أَكرَهتَنا عَلَيهِ مِنَ السِّحرِ
وَاللَّـهُ خَيرٌ وَأَبقى ﴿٧٣﴾ إِنَّهُ مَن يَأتِ
رَبَّهُ مُجرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَموتُ فيها وَلا يَحيى ﴿٧٤﴾ وَمَن يَأتِهِ
مُؤمِنًا قَد عَمِلَ الصّالِحاتِ فَأُولـئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ العُلى ﴿٧٥﴾ جَنّاتُ عَدنٍ
تَجري مِن تَحتِهَا الأَنهارُ خالِدينَ فيها وَذلِكَ جَزاءُ مَن تَزَكّى ﴿٧٦﴾ وَلَقَد أَوحَينا
إِلى موسى أَن أَسرِ بِعِبادي فَاضرِب لَهُم طَريقًا فِي البَحرِ يَبَسًا لا
تَخافُ دَرَكًا وَلا تَخشى ﴿٧٧﴾ فَأَتبَعَهُم
فِرعَونُ بِجُنودِهِ فَغَشِيَهُم مِنَ اليَمِّ ما غَشِيَهُم ﴿٧٨﴾ وَأَضَلَّ فِرعَونُ قَومَهُ وَما
هَدى ﴿٧٩﴾ يا بَني إِسرائيلَ قَد
أَنجَيناكُم مِن عَدُوِّكُم وَواعَدناكُم جانِبَ الطّورِ الأَيمَنَ وَنَزَّلنا عَلَيكُمُ
المَنَّ وَالسَّلوى ﴿٨٠﴾ كُلوا مِن طَيِّباتِ ما
رَزَقناكُم وَلا تَطغَوا فيهِ فَيَحِلَّ عَلَيكُم غَضَبي وَمَن يَحلِل عَلَيهِ
غَضَبي فَقَد هَوى﴿٨١﴾ وَإِنّي لَغَفّارٌ لِمَن تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحًا ثُمَّ اهتَدى﴿٨٢﴾ وَما أَعجَلَكَ عَن قَومِكَ يا موسى ﴿٨٣﴾ قالَ هُم أُولاءِ عَلى
أَثَري وَعَجِلتُ إِلَيكَ رَبِّ لِتَرضى ﴿٨٤﴾ قالَ فَإِنّا قَد فَتَنّا
قَومَكَ مِن بَعدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السّامِرِيُّ ﴿٨٥﴾ فَرَجَعَ موسى إِلى
قَومِهِ غَضبانَ أَسِفًا قالَ يا قَومِ أَلَم يَعِدكُم رَبُّكُم وَعدًا حَسَنًا
أَفَطالَ عَلَيكُمُ العَهدُ أَم أَرَدتُم أَن يَحِلَّ عَلَيكُم غَضَبٌ مِن
رَبِّكُم فَأَخلَفتُم مَوعِدي ﴿٨٦﴾ قالوا ما أَخلَفنا
مَوعِدَكَ بِمَلكِنا وَلـكِنّا حُمِّلنا أَوزارًا مِن زينَةِ القَومِ فَقَذَفناها
فَكَذلِكَ أَلقَى السّامِرِيُّ ﴿٨٧﴾ فَأَخرَجَ لَهُم
عِجلًا جَسَدًا لَهُ خُوارٌ فَقالوا هـذا إِلـهُكُم وَإِلـهُ موسى فَنَسِيَ ﴿٨٨﴾ أَفَلا يَرَونَ
أَلّا يَرجِعُ إِلَيهِم قَولًا وَلا يَملِكُ لَهُم ضَرًّا وَلا نَفعًا ﴿٨٩﴾ وَلَقَد قالَ لَهُم
هارونُ مِن قَبلُ يا قَومِ إِنَّما فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحمـنُ
فَاتَّبِعوني وَأَطيعوا أَمري﴿٩٠﴾ قالوا لَن نَبرَحَ
عَلَيهِ عاكِفينَ حَتّى يَرجِعَ إِلَينا موسى ﴿٩١﴾ قالَ يا هارونُ ما
مَنَعَكَ إِذ رَأَيتَهُم ضَلّوا ﴿٩٢﴾ أَلّا تَتَّبِعَنِ
أَفَعَصَيتَ أَمري ﴿٩٣﴾قالَ يَا ابنَ أُمَّ لا
تَأخُذ بِلِحيَتي وَلا بِرَأسي إِنّي خَشيتُ أَن تَقولَ فَرَّقتَ بَينَ بَني
إِسرائيلَ وَلَم تَرقُب قَولي ﴿٩٤﴾ قالَ فَما خَطبُكَ
يا سامِرِيُّ ﴿٩٥﴾ قالَ بَصُرتُ بِما
لَم يَبصُروا بِهِ فَقَبَضتُ قَبضَةً مِن أَثَرِ الرَّسولِ فَنَبَذتُها وَكَذلِكَ
سَوَّلَت لي نَفسي ﴿٩٦﴾ قالَ فَاذهَب
فَإِنَّ لَكَ فِي الحَياةِ أَن تَقولَ لا مِساسَ وَإِنَّ لَكَ مَوعِدًا لَن
تُخلَفَهُ وَانظُر إِلى إِلـهِكَ الَّذي ظَلتَ عَلَيهِ عاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ
ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي اليَمِّ نَسفًا ﴿٩٧﴾ إِنَّما إِلـهُكُمُ
اللَّـهُ الَّذي لا إِلـهَ إِلّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيءٍ عِلمًا ﴿٩٨﴾ كَذلِكَ نَقُصُّ
عَلَيكَ مِن أَنباءِ ما قَد سَبَقَ وَقَد آتَيناكَ مِن لَدُنّا ذِكرًا ﴿٩٩﴾ مَن أَعرَضَ عَنهُ
فَإِنَّهُ يَحمِلُ يَومَ القِيامَةِ وِزرًا ﴿١٠٠﴾خالِدينَ فيهِ وَساءَ
لَهُم يَومَ القِيامَةِ حِملًا ﴿١٠١﴾ يَومَ يُنفَخُ فِي
الصّورِ وَنَحشُرُ المُجرِمينَ يَومَئِذٍ زُرقًا ﴿١٠٢﴾ يَتَخافَتونَ
بَينَهُم إِن لَبِثتُم إِلّا عَشرًا ﴿١٠٣﴾نَحنُ أَعلَمُ بِما
يَقولونَ إِذ يَقولُ أَمثَلُهُم طَريقَةً إِن لَبِثتُم إِلّا يَومًا ﴿١٠٤﴾وَيَسأَلونَكَ عَنِ
الجِبالِ فَقُل يَنسِفُها رَبّي نَسفًا ﴿١٠٥﴾ فَيَذَرُها قاعًا
صَفصَفًا﴿١٠٦﴾ لا تَرى فيها
عِوَجًا وَلا أَمتًا ﴿١٠٧﴾ يَومَئِذٍ
يَتَّبِعونَ الدّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الأَصواتُ لِلرَّحمـنِ فَلا
تَسمَعُ إِلّا هَمسًا ﴿١٠٨﴾ يَومَئِذٍ لا
تَنفَعُ الشَّفاعَةُ إِلّا مَن أَذِنَ لَهُ الرَّحمـنُ وَرَضِيَ لَهُ قَولًا ﴿١٠٩﴾ يَعلَمُ ما بَينَ أَيديهِم
وَما خَلفَهُم وَلا يُحيطونَ بِهِ عِلمًا ﴿١١٠﴾ وَعَنَتِ الوُجوهُ
لِلحَيِّ القَيّومِ وَقَد خابَ مَن حَمَلَ ظُلمًا ﴿١١١﴾ وَمَن يَعمَل مِنَ
الصّالِحاتِ وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلا يَخافُ ظُلمًا وَلا هَضمًا ﴿١١٢﴾ وَكَذلِكَ
أَنزَلناهُ قُرآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفنا فيهِ مِنَ الوَعيدِ لَعَلَّهُم
يَتَّقونَ أَو يُحدِثُ لَهُم ذِكرًا ﴿١١٣﴾ فَتَعالَى اللَّـهُ
المَلِكُ الحَقُّ وَلا تَعجَل بِالقُرآنِ مِن قَبلِ أَن يُقضى إِلَيكَ وَحيُهُ
وَقُل رَبِّ زِدني عِلمًا ﴿١١٤﴾ وَلَقَد عَهِدنا
إِلى آدَمَ مِن قَبلُ فَنَسِيَ وَلَم نَجِد لَهُ عَزمًا﴿١١٥﴾ وَإِذ قُلنا
لِلمَلائِكَةِ اسجُدوا لِآدَمَ فَسَجَدوا إِلّا إِبليسَ أَبى﴿١١٦﴾ فَقُلنا يا آدَمُ
إِنَّ هـذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوجِكَ فَلا يُخرِجَنَّكُما مِنَ الجَنَّةِ
فَتَشقى ﴿١١٧﴾ إِنَّ لَكَ أَلّا
تَجوعَ فيها وَلا تَعرى ﴿١١٨﴾ وَأَنَّكَ لا
تَظمَأُ فيها وَلا تَضحى ﴿١١٩﴾ فَوَسوَسَ إِلَيهِ
الشَّيطانُ قالَ يا آدَمُ هَل أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الخُلدِ وَمُلكٍ لا
يَبلى ﴿١٢٠﴾ فَأَكَلا مِنها
فَبَدَت لَهُما سَوآتُهُما وَطَفِقا يَخصِفانِ عَلَيهِما مِن وَرَقِ الجَنَّةِ
وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى ﴿١٢١﴾ ثُمَّ اجتَباهُ
رَبُّهُ فَتابَ عَلَيهِ وَهَدى ﴿١٢٢﴾ قالَ اهبِطا مِنها
جَميعًا بَعضُكُم لِبَعضٍ عَدُوٌّ فَإِمّا يَأتِيَنَّكُم مِنّي هُدًى فَمَنِ
اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشقى ﴿١٢٣﴾ وَمَن أَعرَضَ عَن
ذِكري فَإِنَّ لَهُ مَعيشَةً ضَنكًا وَنَحشُرُهُ يَومَ القِيامَةِ أَعمى ﴿١٢٤﴾ قالَ رَبِّ لِمَ
حَشَرتَني أَعمى وَقَد كُنتُ بَصيرًا ﴿١٢٥﴾ قالَ كَذلِكَ
أَتَتكَ آياتُنا فَنَسيتَها وَكَذلِكَ اليَومَ تُنسى ﴿١٢٦﴾ وَكَذلِكَ نَجزي
مَن أَسرَفَ وَلَم يُؤمِن بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبقى ﴿١٢٧﴾ أَفَلَم يَهدِ
لَهُم كَم أَهلَكنا قَبلَهُم مِنَ القُرونِ يَمشونَ في مَساكِنِهِم إِنَّ في ذلِكَ
لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى ﴿١٢٨﴾ وَلَولا كَلِمَةٌ
سَبَقَت مِن رَبِّكَ لَكانَ لِزامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى﴿١٢٩﴾ فَاصبِر عَلى ما
يَقولونَ وَسَبِّح بِحَمدِ رَبِّكَ قَبلَ طُلوعِ الشَّمسِ وَقَبلَ غُروبِها وَمِن
آناءِ اللَّيلِ فَسَبِّح وَأَطرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرضى ﴿١٣٠﴾ وَلا تَمُدَّنَّ
عَينَيكَ إِلى ما مَتَّعنا بِهِ أَزواجًا مِنهُم زَهرَةَ الحَياةِ الدُّنيا
لِنَفتِنَهُم فيهِ وَرِزقُ رَبِّكَ خَيرٌ وَأَبقى ﴿١٣١﴾ وَأمُر أَهلَكَ
بِالصَّلاةِ وَاصطَبِر عَلَيها لا نَسأَلُكَ رِزقًا نَحنُ نَرزُقُكَوَالعاقِبَةُ
لِلتَّقوى ﴿١٣٢﴾ وَقالوا لَولا
يَأتينا بِآيَةٍ مِن رَبِّهِ أَوَلَم تَأتِهِم بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ
الأولى ﴿١٣٣﴾ وَلَو أَنّا
أَهلَكناهُم بِعَذابٍ مِن قَبلِهِ لَقالوا رَبَّنا لَولا أَرسَلتَ إِلَينا رَسولًا
فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِن قَبلِ أَن نَذِلَّ وَنَخزى﴿١٣٤﴾ قُل كُلٌّ
مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصوا فَسَتَعلَمونَ مَن أَصحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَمَنِ
اهتَدى ﴿١٣٥﴾
سورة
طه
مكية وعدد آياتها 135 وترتيبها بالمصحف 20 بين سورتى مريم والأنبياء
وقيل أن السورة أُنزلت بعد هجرة المسلمين إلى الحبشة
فى حوالى العام الرابع من البعثة ، أو بين العام الرابع من البعثة وحادثة
الإسراء والمعراج
وقد أطلق عليها البعض : "سورة الكليم " ، و "سورة
موسى" لورود قصة موسى عليه السلام مع فرعون
فيها ، وكان ذلك فى عدد كبير من آياتها ، وجاءت السورة بقصة موسى مشتملة على كثير
من الأحداث والتفصيلات ،
وجاءت الأحداث منذ كان موسى وليدا خافت عليه أمه من بطش فرعون ، إلى أن بعثه الله نبيا ، وأرسله إلى فرعون يدعوه إلى عبادة الله الخالق المهيمن الذى لا إله إلا هو ، مع تفصيلات كثيرة مثل
قصة إيمان سحرة فرعون
ومعجزة موسى التى أيده الله بها والتى نتج عنها إيمان السحرة ورفض كل تهديدات فرعون لهم بالبطش بهم ثم
نهاية فرعون وجنوده
------------------------------------------------------------
شرح بعض الكلمات :
طه : قيل فيها معان كثيرة وأغلبها أن معناها يا
(رجل) بلغة قبيلة "عك" – وقيل هى باللغة النبطية وقيل من ا
لحروف المتقطعة
وقيل معناها (طاها) : وهى أمر لرسول الله صلى الله
عليه وسلم أن (يطأ) الأرض بقدميه الا ثنتين
تذكرة: تذكيرا / العلى : تأنيث الأعلى ، جمع العليا/استوى: استولى واستولى أى الملك - والاستواء هو بمايليق
بجلال الله
الثرى: التراب الندى
/الحسنى:مؤنث الأحسن / آنست نارا : أبصرت/بقبس : بشعلة أو جمرة / أهش: مأخوذة من هش الخبز أى انكسر لهشاشته/ سيرة: مأخوذة من السير ، وتجاوزا بمعنى الطريقة
والهيئة / اشرح صدرى : شرح الشئ أى وسعه/ ولاتنيا فى ذكرى :
لاتفترا (من الفتور) /فيسحتكم : يستأصلكم/ بطريقتكم المثلى
: أعدل المذاهب والمثلى مؤنث الأمثل/أزواجا :
أصنافا .
ملحوظات وخواطر:
*** فى مقدمة السورة (خطاب) للنبى صلى الله
عليه وسلم ، وتشعر بنبرة
الحنان من الودود سبحانه وتعالى
*** وقد عنيت السورة بالتسرية عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم لحزنه بسبب انصراف المشركين وافتراءاتهم ، واعتداءاتهم على المسلمين فنفت السورة منذ بدايتها كون نزول القرآن الكريم
وتحميل رسول الله صلى الله عليه وسلم تبعات الرسالة، مبعثا للشقاء والعذاب "ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى "
2) وتكررت كلمات تشعر الرسول صلى الله عليه وسلم
والمسلمين بالراحة و الطمأنينة والثقة بالله
مثل كلمات
تحمل معنى الرحمة: "وإن ربكم الرحمن" – "وأدخلنا فى رحمتك وأنت
أرحم الراحمين"- "وخشعت الأصوات للرحمن"-"إلا من أذن له
الرحمن"الملك يومئذ الحق للرحمن"
3) ورود ألفاظ تدل على رحمة الله كالمغفرة ( ,إنى لغفار لمن تاب وعمل صالحا ثم اهتدى (82)
& ( والعاقبة للتقوى) (132)
4) كما ذكرت السورة أيضا بعضا من صفات وأسماء
الله الحسنى ، وهى أيضا تبعث على الثقة بالله و الاطمئنان ، فالله هو الحق (فتعالى الله الملك الحق) 114
5) ثم معنى الاطمئنان والثقة فى الله بتلك الآية المفعمة بالتحدى للمشركين والثقة فى وعد الله
5) ثم معنى الاطمئنان والثقة فى الله بتلك الآية المفعمة بالتحدى للمشركين والثقة فى وعد الله
قُل كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ
فَتَرَبَّصوا فَسَتَعلَمونَ مَن أَصحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهتَدى ﴿١٣٥﴾
وتستشعر قرب الله تعالى من عباده ؛ فهاهو سبحانه
يتحدث لعبده - لنبيه الذى اختاره - موسى عليه السلام . *
فلما أتاها نودى ياموسى (11) إنى أنا ربك
...(12)
﴿١٤﴾ إِنَّني
أَنَا اللَّـهُ لا إِلـهَ إِلّا أَنا فَاعبُدني وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكري
وتقشعر الأبدان– فلك أن تتخيل( الله) عز وجل يتكرم على عبده بالتحدث إليه
....... سبحان الملك
و ... تجد ذلك الود والمعية من الله
تعالى لعبده الصالح .. ونجد فى الآيات مايوضح ذلك بين ربنا وبين موسى عليه السلام
وألقيت عليك محبة منى ولتصنع على عينى
31 / واصطنعتك لنفسى 41 / إننى معكما أسمع وأرى 46
1
*الربط بين المقدمة و
(العاقبة) : ففى مقدمة السورة ذكر الله تعالى أنه ما أنزل القرآن الكريم على
رسوله ليشقى ويتعب فى فهمه والقيام بتكليفات
ققد تكون صعبة فوق الاحتمال ، فليس
هذا هو مراد الله وليس القرآن الكريم بتلك الصعوبة والمشقة ، وإنما كان
للتذكرة ، ليرجع إلى فطرته التى أودعها الله فيه
والتى طمستها الغفلة ، فيرجع إلى ربه ، وينفذ أوامره ويبغى رضاه سبحانه
" وعجلت إليك رب لترضى" ، ويتحقق له الفوز
والسعادة فى الدنيا والآخرة
و قصة موسى عليه السلام مع فرعون
الطاغية المغرور ... أوضحت (العاقبة) لكلا الفريقين ؛ فكانت النجاة والفوز للمؤمنين ؛
وكانت عاقبة الظالمين هى الغرق والفشل ثم
ماينتظرهم من عذاب الآخرة.
وتضمنت السورة أيضا قصة آدم عليه
السلام وعاقبة وسوسة الشيطان
فقد أخرجه
وزوجه من الجنة ل (يشقى )
فَقُلنا يا آدَمُ إِنَّ هـذا عَدُوٌّ لَكَ
وَلِزَوجِكَ فَلا يُخرِجَنَّكُما مِنَ الجَنَّةِ فَتَشقى ﴿١١٧﴾
************************************************************************
وبذا تكون سورة " طه " قد أوضحت أعداء المؤمن وهم : 1) شياطين الإنس 2) شياطين الجن .
وعمدت السورة إلى إبراز أحداث قصة نبى الله موسى – عليه السلام- منذ
كان وليدا ؛ خافت عليه أمه بطش فرعون ،
فأوحى الله إليها الله أن (اقذفيه) فى التابوت واقذفيه فى اليم ، ووعدها برده إليها وجعله من
المرسلين .... وقد تحقق وعد الله (الحق) .. وتوالت الأحداث ووعود الله تعالى تتحقق
***********************************************************************
وعرضت السورة لقضية
التوحيد والتعريف برب العزة :
اللَّـهُ لا إِلـهَ إِلّا هُوَ لَهُ الأَسماءُ
الحُسنى ( 8 )
قالَ فَمَن رَبُّكُماياموسى ﴿٤٩﴾ قالَ رَبُّنَا الَّذي أَعطى كُلَّ شَيءٍ خَلقَهُ ثُمَّ هَدى﴿٥٠﴾
و أعطت السورة ((((( المنهج )))))منهج الفوز والسعادة لعباد الله
وليس الشقاء " مأأنزلنا
عليك الكتاب لتشقى)
وماكان نزول القرآن إلا ليعلم الناس المنهج
الأقوم للوصول لحسن العاقبة (أو الفوز
والسعادة)
... فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا
يَضِلُّ وَلا يَشقى ﴿١٢٣﴾
ولعل ورود قصة موسى مع فرعون (والتى هى واقع قد حدث عمليا)قد بينت بجلاء ذلك المنهج
1)
1) - تحديد الهدف وكيفية تلقى الأمر : حتمية إلقاء السمع والانتباه (فاستمع لما يوحى) .....
2)
وطريقة عرض الهدف والمطلوب : (فأرسل معنا بنى إسرائيل ولا تعذبهم ) ...
(إنا رسولا ربك).. قد جئناك بآية من ربك) .. ( إنا قد أُوحى إلينا)
2)- الاستعداد : ولننظركيف استعد موسى عليه السلام بالاستعانة بربه
(أهمية الدعاء) فسأله أن يشرح له صدره وأن يحلل عقدة من لسانه وأن يشد الله أزره
بأخيه هارون وأن يشركه فى أمره
** وكيف أجابه رب العزة وأمره بالثبات والذهاب إلى فرعون بالمقولة الواضحة المبينة وأن يقولا له قولا لينا سهلا مؤدبا بلا إساءة أو سوء أدب حتى
يذعن فرعون ويستمع لهما .. أى استمالته عسى
أن يفكر فى الأمر ، ويرجع إلى ربه( يتذكر) فيجنح إلى الحق (والفطرة داخله وداخل كل البشر) ، أو أن يخاف من سوء العاقبة وحساب الآخرة ....( أسلوب حكيم يشمل الترغيب والترهيب) .
وأيضا استعد موسى بالثبات وتنفيذ ماأمره به ربه ، فكانت كلماته الصادقة
سواء لفرعون أو لسحرته
......والسَّلامُ عَلى
مَنِ اتَّبَعَ الهُدى ﴿ 47﴾.
إِنّا قَد أوحِيَ إِلَينا
أَنَّ العَذابَ عَلى مَن كَذَّبَ وَتَوَلّى ﴿٤٨﴾
﴿٦٠﴾ قالَ لَهُم موسى وَيلَكُم
لا تَفتَروا عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا فَيُسحِتَكُم بِعَذابٍ وَقَد خابَ مَنِ افتَرى
(ولاحظ أسلوب المراوغة الذى لجأ إليه فرعون
ليستفز موسى حتى يخطئ ويخسر قضيته أمام جموع الناس ، ذلك حينما سأله عن مصير
الأولين " قال فما بال القرون الأولى" 51 وكان أمل فرعون أن يقول موسى-
مثلا – إنهم جميعا فى النار ! ولكن موسى –عليه
السلام رد ردا محايدا (ديبلوماسيا) على سؤال فرعون الذى اعتمد على أسلوب المراوغة (السياسية)
والمباغته للخصم !
لاحظ أيضا فرعون الداهية .. وقد عبر ال
قرآن الكريم عن مدى عداوته وغله " فتولى فرعون فجمع كيده ثم أتى " 60
-
- استعمال لفظ "كيده" ولم يقل جنوده أو الناس -
-
-
لاحظ أيضا حسن الأدب مع الله سبحانه وتعالى :
فرغم الخوف
الداخلى الشديد عند موسى ، فإنه لم يفصح عنه حينما أمره الله أن يذهب إلى فرعون ؛
وإنما لجأ إلى الله وسأله العون " قال رب اشرح لى
صدرى"25 وكان
الخشوع والخضوع لرب العزة "كى نسبحك كثيرا *ونذكرك كثيرا* إنك كنت بنا
بصيرا 33-35
-
ولاحظ ذلك الخوف الداخلى
الذى لم يفصح عنه موسى (فهو بشر) "فأوجس فى نفسه خيفة
موسى" 76
-
ولاحظ رحمة الله العليم
الذى يعلم السر وأخفى "
قلنا لاتخف إنك أنت الأعلى " 67
-
قولا لينا :
-
اذهَبا إِلى فِرعَونَ إِنَّهُ طَغى ﴿٤٣﴾ فَقولا لَهُ قَولًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَو يَخشى ﴿٤٤﴾
-
فأسلوب اللين لا يثير العزة بالإثم ولا يهيج
الكبرياء الزائفة للطغاة وقد يوقظ القلب –
كما إن البدء
بإعطاء الحقوق لأصحابها يترك أثرا فى نفس المتلقى ويستميله .. وهنا : قد تربى موسى فى قصر فرعون
فمن الأدب والحكمة أن يحسن الكلام معه فلا يخرج عن الأدب رغم إيصال الدعوة
..(بالحكمة والموعظة الحسنة) .
الاستعانة
بالله واستشعار معيته :
*** فى السورة قصة إسلام سحرة فرعون
و.....اقرأ
ما يبهج القلب ويلين المشاعر ويسلم الأمر كله لله تعالى
قالوا لَن نُؤثِرَكَ عَلى
ما جاءَنا مِنَ البَيِّناتِ وَالَّذي فَطَرَنا فَاقضِ ما أَنتَ قاضٍ إِنَّما تَقضي
هـذِهِ الحَياةَ الدُّنيا ﴿٧٢﴾
إِنّا آمَنّا بِرَبِّنا
لِيَغفِرَ لَنا خَطايانا وَما أَكرَهتَنا عَلَيهِ مِنَ السِّحرِ وَاللَّـهُ خَيرٌ
وَأَبقى ﴿٧٣﴾ إِنَّهُ مَن يَأتِ
رَبَّهُ مُجرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَموتُ فيها وَلا يَحيى ﴿٧٤﴾ وَمَن يَأتِهِ
مُؤمِنًا قَد عَمِلَ الصّالِحاتِ فَأُولـئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ العُلى ﴿٧٥﴾
*** المسارعة فى الخيرات
هذا مستحب فى الإسلام ووردت آيات كثيرة فى القرآن الكريم تحث
على تلك المسارعة مثل (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت
للمتقين ) آل عمران
وهنا فى سورة طه ؛
... وَعَجِلتُ إِلَيكَ رَبِّ لِتَرضى ﴿٨٤﴾
(لترضى) ورضا الله ورضوانه هو الغاية
والمنتهى-
***
واقرأ الآيات لتزداد رهبة وخشوعا – سبحان الملك سبحان الجبار القهار- :
... وَخَشَعَتِ الأَصواتُ
لِلرَّحمـنِ فَلا تَسمَعُ إِلّا هَمسًا ﴿١٠٨﴾
وَعَنَتِ الوُجوهُ
لِلحَيِّ القَيّومِ وَقَد خابَ مَن حَمَلَ ظُلمًا ﴿١١١﴾ وَمَن يَعمَل مِنَ
الصّالِحاتِ وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلا يَخافُ ظُلمًا وَلا هَضمًا ﴿١١٢﴾
فَتَعالَى اللَّـهُ
المَلِكُ الحَقُّ...... ﴿١١٤﴾
*** العلاج للمشكلات :
فلابد للمسلم أن يتخذ الأسباب و يسلك طرق الحل الدنيوية المعروفة لحل أية مشكلة وقبل ذلك وبعده ودائما يستعين بالله ويتوكل عليه ويسلك طريقه المستقيم
وفى الآيات كيف أمر الله عز وجل نبيه موسى أن يذهب
– وأخوه هارون- إلى فرعون( رغم قسوته
وعلوه فى الأرض وفساده) وأن يعرضا عليه الإيمان
بالله عله يتذكر أو يخشى) .. وأن يقولا له( قولا لينا) وهذا درس للمسلم ألا يدع الأسباب
وعلى المسلم ألايدع اليأس والحزن يقتله وإنما
عليه ب (( الصبر)) والثقة بالله
وأن يوقن أن
راحته وأمله عند ربه
وليثبت على الحق ، ويتبع أوامر الله فلا يتطلع
إلى غيره ممن حباه الله زينة الحياة
الدنيا كالمال أو العيال فهى- والدنيا كلها- كالزهرة التى
سرعان ماتذبل وتسقط .
فكل شئ في الدنيا عارض وإلى زوال ولايبقى إلا ماهو
عند الله من أعمال صالحة لا تذهب ولا تفنى
فيدخرها الله ليجازي بها عبده فى أخراه ،
وفى المقابل من يعص الله فإن له معيشة ضنكا من التيه والضلال والعذاب فى الدنيا
والآخرة
فلا شئ يدعو لحزنك(والآيات أساسا تسرية عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم) .. ولكل ماتعانى منه حل .. وهاهو الحل والطريق إلى رضاك وسعادتك )
*** عليك بالصبر و أن
تلجأ دوما للتسبيح أى تنزيه الله تعالى
وسؤاله ففى هذا رضا النفس
والطمأنينة وكل الخير
*** وأن تقنع برزق ربك لك ولا تنظر لغيرك فيما أتاه الله فالمتاع الحقيقى هو الباقيات الصالحات والعاقبة للتقوى .
*** وأن تأمر أهلك بالصلاة- فهى عماد الدين وهى تنهى عن الفحشاء – وبذا يتحقق صلاحهم وتقر عين
الآباء وتتحقق لهم السعادة فى دنياهم وكذاأخراهم ، إذ يلحق بهم الله ذرياتهم إذا
صلحوا .. ............. والاهتمام بالأسرة وإصلاحها هدف إسلامى ، فهى الأساس
وبصلاحها يتحقق صلاح أمة الإسلام
... فَمَنِ اتَّبَعَ
هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشقى ﴿١٢٣﴾
فَاصبِر عَلى ما يَقولونَ
وَسَبِّح بِحَمدِ رَبِّكَ قَبلَ طُلوعِ الشَّمسِ وَقَبلَ غُروبِها وَمِن آناءِ
اللَّيلِ فَسَبِّح وَأَطرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرضى ﴿١٣٠﴾ وَلا تَمُدَّنَّ
عَينَيكَ إِلى ما مَتَّعنا بِهِ أَزواجًا مِنهُم زَهرَةَ الحَياةِ الدُّنيا
لِنَفتِنَهُم فيهِ وَرِزقُ رَبِّكَ خَيرٌ وَأَبقى ﴿١٣١﴾ وَأمُر أَهلَكَ
بِالصَّلاةِ وَاصطَبِر عَلَيها لا نَسأَلُكَ رِزقًا نَحنُ نَرزُقُكَ وَالعاقِبَةُ
لِلتَّقوى ﴿١٣٢﴾
------------------------------------------------------------------------------------
........... وعن سورة طه .. أشير إلى هذا الحديث الشريف :
عن أبي أمامة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (اسْمُ اللَّهِ الأَعظَمُ فِي سُوَرٍ
مِنَ القُرآنِ ثَلَاثٍ: فِي البَقَرَةِ وَآلِ عِمرَانَ وَطَهَ). [رواه ابن ماجه، وحسَّنه الألباني في صحيح ابن ماجه
(سورة البقرة(: {اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}
(سورة آل عمران): {اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}
(سورة طه): {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ}
- وعَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَالِسًا وَرَجُلٌ يُصَلِّي ثُمَّ دَعَا: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْمَنَّانُ بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ "، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَقَدْ دَعَا اللَّهَ بِاسْمِهِ الْعَظِيمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ، وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى) [رواه أبو داود، وصححه الألباني في صحيح أبي داود
(سورة البقرة(: {اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}
(سورة آل عمران): {اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}
(سورة طه): {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ}
- وعَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَالِسًا وَرَجُلٌ يُصَلِّي ثُمَّ دَعَا: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْمَنَّانُ بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ "، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَقَدْ دَعَا اللَّهَ بِاسْمِهِ الْعَظِيمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ، وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى) [رواه أبو داود، وصححه الألباني في صحيح أبي داود
قصة إسلام عمر بن الخطاب
قيل أن سورة طه كانت سببا – بعد مشيئة الله – فى
إسلام عمر بن الخطاب :
خرج عمرُ متقلدا سيفه فلقيه رجلٌ من
بني زهرة فقال له : أين تغدو يا عمرُ ؟ قال : أريدُ أن أقتلَ محمداً . قال : وكيف
تأمنُ بني هاشم وبني زهرة ؟ فقال له عمر : ما أراك إلا قد صبأت وتركت دينك ! قال :
أفلا أدلك على العجب ؟! إن أختك وختنك قد صبآ وتركا دينك ، فمشى عمرُ غاضبا متوعدا حتى أتاهما ، وعندهما رجلٌ من المهاجرين يقال له : خباب – وهو
ابن الأرت - ، فلما سمع خبابُ صوت عمرَ ، توارى في البيت ، فدخل عليهما فقال : ما
هذه الهَيْنَمَةُ – أي الصوت الخفي - التي سمعتها عندكم ؟ وكانوا يقرأون " طه
" فقالا : ما عدا حديثا تحدثناه بيننا . قال : فلعلكما قد صبأتما ؟ فقال له
ختنه : يا عمر ، إن كان الحق في غير دينك ؟ فوثب عمر على ختنه فوطئه وطأً شديداً :
فجاءت أخته لتدفعه عن زوجها ، فلطمها بيده فدمى وجهها . فقال عمر : أعطوني
الكتاب الذي هو عندكم فأقرأه ، فقالت أخته : إنك رجس وإنه " لَا يَمَسُّهُ
إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ " [ الواقعة : 79 ] فقم فتوضأ ، فقام فتوضأ ثم أخذ
الكتاب فقرأ " طه" حتى انتهى إلى " إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا
إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي " [ طه : 14
] فقال عمر : دلوني على محمد ، فلما سمع خباب قول عمر ، خرج من البيت فقال : أبشر
يا عمر ، فإني أرجو أن تكون دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم " اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب ، أو بعمر بن هشام "
فانطلق عمر حتى أتي الدار التى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلى الباب حمزة وطلحة وأصحاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما رأى حمزة رضوان الله عليه وَجَلَ القومُ من عمرَ قال : " نعم فهذا عمر فإن يرد الله بعمر خيرا يسلم ويتبع النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن يرد غير ذلك يكن قتله علينا هيناً " ، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عمر ، فأخذ بمجامع ثوبه وحمائل السيف فقال : " ما أراك منتهياً يا عمر حتى يُنْزلَ الله بك – يعني من الخزي– ما أنزل الله بالوليد بن المغيرة ، اللهم اهد عمر بن الخطاب ، اللهم أعز الدين بعمر بن الخطاب ، فقال عمر رضي الله عنه : " أشهد أنك رسول الله"
فانطلق عمر حتى أتي الدار التى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلى الباب حمزة وطلحة وأصحاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما رأى حمزة رضوان الله عليه وَجَلَ القومُ من عمرَ قال : " نعم فهذا عمر فإن يرد الله بعمر خيرا يسلم ويتبع النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن يرد غير ذلك يكن قتله علينا هيناً " ، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عمر ، فأخذ بمجامع ثوبه وحمائل السيف فقال : " ما أراك منتهياً يا عمر حتى يُنْزلَ الله بك – يعني من الخزي– ما أنزل الله بالوليد بن المغيرة ، اللهم اهد عمر بن الخطاب ، اللهم أعز الدين بعمر بن الخطاب ، فقال عمر رضي الله عنه : " أشهد أنك رسول الله"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق