الجمعة، 20 سبتمبر 2013

خواطر حول سورة الشعراء

خواطر حول "سورة الشعراء" :
هناك مايدل على اسم كل سورة من سور القرآن نجده داخل السورة ... وسورة الشعراء مثل باقى السور


أما لماذا جاء ذكر الشعراء فى هذه السورة ؟

أولا لابد من معرفة فيم تتحدث السورة... ولعل مقدمة السورة توضح موضوعها :


 .6-1 الشعراء
                   
  ( "باخع نفسك"- آية 3 - أي هالك لنفسك من الحزن)

عانى رسول الله من أذى المشركين , واتهموه بالباطل , وكان من أباطيلهم اتهامه أنه شاعر اصطنع القرآن الكريم ببلاغته ! وهذا لينسفوا دعوته ويرموها بأنها ليست من عند الله , ويعرضوا عنها ويغروا غيرهم ايضا بذلك !
فعمدت هذه السورة إلى التسرية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتهدئة نفسه وتثبيته بعدما تسرب إليه الحزن بسبب إعراض كثير من الكفار عن دعوته
ولأن الله يحب رسوله ويعلم سمو نفسه وعظم خلقه , فقد هون عليه , وليمض فى دعوته يبلغ الرسالة مطمئنا مدركا أن ماعليه إلا البلاغ المبين
__ وذكر تعالى أنه لو أراد أن يؤمن كل الناس لكانت مشيئته نافذة ولآمنوا جميعا , ثم إن شأن الكفار دائما هو الإعراض, وإنما هم يعلمون جرمهم وعاقبة أمرهم ساعة أن يقع بهم عذاب الله 
__ وأورد الله تعالى أدلة ذلك , فلو أرادوا الإيمان لآمنوا وذلك بمجرد النظر إلى دلائل قدرته تعالى ببديع خلقه ,
__ وذكر الحق  أن  حال كفار مكة فى الإعراض يشابه إعراض أقوام الرسل السابقة وذكرت الآيات موسى وإبراهيم ( ونوح وهود وصالح ولوط وشعيب) –عليهم السلام - , فقد تكررت دعوة الأنبياء وتكررت مواقف المعارضين
وعمدت الآيات إلى تكرار نفس الآيات بنفس الكلمات مع كل نبى ، فمرة جاءت مع نوح عليه السلام -  "إذ قال لهم أخوهم (نوح)" ومرة أخري(أخوهم  "هود ثم صالح ثم لوط ثم شعيب").. كما يتضح فيما يلى :

__  وبينت الآيات أن رسالة الرسل والأنبياء واحدة ( أساسها عقيدة التوحيد )
__ وسورة الشعراء رد على المشركين فى ادعائهم بعدم نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، فهاهى أخبار الأنبياء  -السابقين - تأتيه من رب العزة..وهاهو الحق سبحانه ينفى عن رسوله قولهم بأنه شاعر صاغ القرآن بنفسه وأن الرسالة التى يبلغها ليست هى رساله الهية

حدد الله تعالى لرسوله الكريم سبيل الدعوة إلى الإسلام فى هذه الآيات :
فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّـهِ إِلَـهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ* وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ * وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ*فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ *وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ *وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ *إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ 
   213- 220  الشعراء

أى افعل مافى وسعك ، بأن يظل إيمانك بالله قويا وأن تنذر أهلك المقربين وتتبع اللين واللطف مع من تبعك من المؤمنين وتقترب من الله بالسجود واترك لله الأمر يدبره فهو معك يسمعك ويعلم ماتفعل ... فلا تحزن ولا تبتئس ، أما هؤلاء الذين ظلموا وآذوك وأعرضوا عنك  فلهم جزاؤهم من العذاب :
وَسَيَعْلَمُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓا۟ أَىَّ مُنقَلَبٍۢ يَنقَلِبُونَ                                    227  الشعراء       .
عن عائشة ؛ قالت : لما نزلت :" وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ " قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصفا فقال "يا فاطمة بنت محمد، يا صفية بنت عبدالمطلب، يا بني عبدالمطلب، لا أملك لكم من الله شيئا. سلوني من مالي ماشئتم
وهذا يدل على صدق اتباع الرسول الكريم لما يوحى إليه والمسارعة بالعمل والتطبيق
ترتيب السورة وبعض الخواطر :
هى بعد النور والفرقان فى ترتيب المصحف (رقم 26) وعددآياتها  227 وهى مكية النزول فيما عدا الآيات 197 ،224 ، 225 ،226 ، 227 فهى مدنية
وهى فى الجزء 19.
وسورة الشعراء فى معظمها مكية  لذا فقد عنيت بأمور العقيدة كشأن السور المكية
وهى من الطواسين – تبدأ بـ (طسم) -
ويطلق البعض على سورة الشعراء (سورة الإعلام) بمعنى أن الشعراء زمن الرسول صلى الله علي وسلم كانوا إعلاميى هذا العصر , يضمّنون شعرهم الأحداث الجارية ومايودون نشره بين الناس ومايريدون استحسانه ومدحه أو ذمه .. أى كانوا الإعلام وجبهات التأييد أو المعارضة ..
ولقد برع العرب فى فن الشعر وكانوا أهل بلاغة وفصاحة وبيان , حتى عندما أُوحى القرآن إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، أُخذوا بما تميز به القرآن الكريم من بلاغة وبيان  ,  ونسبوا إلى الرسول الكريم أنه شاعر ..
ولقد نفى القرآن هذا فى موضع آخر:
     ( وماهو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون)                   41 الحاقة
وكان اتهام الرسول الكريم بالشعر اتهاما ظالما لا أساس له من الصحة ..كان محض افتراء ، فلقد نشأ الرسول بين من اتهموه ولم يعرفوا عنه أنه شاعر !
ولم يُعرف عنه صلى الله عليه وسلم إلا الحكمة والجدية  وكان بعيدا عن الضلال واتباع االهوى ، ولم يتبع إلا الحق , عكس الوصف الذى وصفه القرآن للشعراء بأن متبعيهم – مثلهم - هم الغاوون (أى الضالون) الذن ليس لهم منطق ولا حكمة إنما الهوى المتقلب والخيال والجموح ، حيث يخضون لشيطان الشعر ( حتى ليقال : إن أجمل الشعر أكذبه).. ودائما يصاحبون الخيال ويصورون ماليس فيهم فمنهم مثلا من يتكلم عن الشجاعة وهو جبان أو الكرم وهو بخيل !
...  هذا الوصف  - شاعر – لايطابق شخصية الرسول الكريم لذى جاء بالحق والمنهج المتكامل وعرف بالصادق الأمين !!
    ولكن .............
 كان هناك شعراء مسلمون يقولون الشعر بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويدافعون عن الإسلام ويقدمون له – بشعرهم خدمة جليلة ؟؟
.......ويروى أن الشعراء المسلمين عبد الله بن رواحه وكعب بن زهير ، وكعب بن مالك ، وحسان بن ثص السورة خصائإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم  وقد أزعجهم وصف الشعرء فى الآية  بالغاوين , فهدأ الرسول الكريم من روعهم وقرأ عليهم الآية الأخيرة من السورة  وهى الاستثناء من الوصف السابق للشعراء بالغاوين :
 إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّـهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ        227

ومما يذكر أن الشعراء المسلمين قد قدموا خدمات للدعوة حتى أن الرسول الكريم قد أقام منبرا فى المسجد للشاعر حسان بن ثابت وكان يقول " إن الله يؤيد حسان بن ثابت بروح القدس مانافح أو فاخر عن رسول الله صلى اله عليه وسلم
**************************************************
خصائص السورة 
سماها الإمام مالك ( الجامعة) لآنها جمعت ذكر عدد من الأنبياء وسبقت غيرها  فى ذلك بترتيب النزول 
التكرار : والتكرار للتأكيد ولفت الانتباه (العزيز الرحيم) تكررت سبع مرات
التوحيد : أصلت التوحيد
أساليب توصيل الرسالة : وضحتهاالسورة بذكر نماذج (قصص الأنبياء ) وكيف كان أسلوب إعلامهم لأقوامهم
الألفاظ مناسبة لموضوع السورة (الشعراء- الإعلام) :
 "الكتاب المبين" : سورة الشعراء هى أول السور بترتيب النزول جاء فيها المبين (الكتاب المبين) ، (ولو جئتك بشئ مبين) ، (بلسان عربى مبين)
                وتكررت ثلاث مرات
لسان :تكررت ثلاث مرات أيضا
ترتيب الأنبياء- كما ورد بالسورة ليس تاريخيا وإنما حسب الصعوبة التى واجهها نبى الله - وكان فرعون هو الأكثر صعوبة فى المواجهة ثم قوم إبراهيم 

ومن الآيات يمكن استخلاص السبل التى يجب أن يسلكها الإعلاميون أو كل مهتم بدعوة الآخرين وهى : 

#  الاستمالة واللين : فلابد من اختيار الألفاظ الرقيقة الودودة والتقرب للناس بهدوء وصبر  
إذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ (لُوطٌ) أَلَا تَتَّقُونَ    161
 وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ  215

# الاستعداد واتخاذ الوسائل المناسبة ودراسة حال الناس المراد التحدث إليهم حى يتم اختيار الأسلوب السليم المناسب

" أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ 12  وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ  13 وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ 14 قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُم مُّسْتَمِعُونَ 15 فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ 16 أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ "     17

# الاهتمام بالحجج التى تساق للمدعو لتقنعه بالإيمان بالقضية المدعو إليها ، وتلقى أسئلة الناس الرد عليها بالمنطق الواضح ..
"قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ 23  قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ"    24 
"ربكم ورب آبائكم الأولين"     26
 - " رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ"       28  .

#وقبل ذلك (الضمير )الذى يوجده الأيمان بالله وبه تتم مخافه الله فلا يقال إلا الصدق ولايُفعل إلا الخير ولايُتوخى إلا الأمانة والحق
 "إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّـهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ    "227 الشعراء
********************************

والسورة تبين للرسول صلى الله عليه وسلم كيف يصل بدعوته إلى الناس
فذكرت منذ البداية الكتاب المبين - ومنه سورة الشعراء- الذى ذكر حال أنبياء الله مع أقوامهم وكيف جرى الحوار بينهم
وكيف ساقوا الحجج وبينوا لهم وصمدوا وصبروا وعانوا والتجأوا إلى الله تعالى  ..
وهذا بيان وتعليم من الله تعالى لرسوله الكريم ومعه أيضا توجيه بأن يبدأ بعشيرته الأقربين فيدعوهم ويلين لهم
ثم يبرأ ممن لم يؤمنوا ويتوكل على الله ويعكف على صلاته وعبادته ،،، وماعليه فالأمر لله وماالرسول إلا من المنذرين

*********************************
وقد ذُكر عدد كبير من الأنبياء فى السورة (لاستعراض كيفية توصيلهم الدعوة لأقوامهم- إعلامهم بالدعوة- )
و للتسرية عن الرسول صلى الله عليه وسلم وقد سبقت السورة غيرها فى ضم مثل هذا العدد وذلك من حيث ترتيب النزول ، ولهذا سماها الإمام أحمد(الجامعة )
وورد ذكر الأنبياء بغير الترتيب الزمنى وإنما بحسب الصعوبة التى واجهها فى تبليغ الرسالة ، وكان تبليغ موسى الرسالة لفرعون هو قمة الصعوبة واستلزم مزيدا من التهيؤ والاستعداد ، وسبب لموسى عليه السلام(كونه بشرا ) كثيرا من الخوف خاصة مع عنف وطغيان فرعون ... ويلاحظ تكرار كلمات مناسبة للإعلام مثل (مبين )  ، وأهمية الحرص على وسيلة الاتصال فتكررت فى السورة كلمة(لسان )
و يلاحظ -أساسا- أهمية الاستعانة بالله تعالى لمواجهة أية مشاق ومتاعب من عملية الاتصال  
******************************
وضمت سورة الشعراء عددا من النماذج الإعلامية :
أولا : موسى وفرعون :
     وكان أمر الله لهما أن يذهبا (موسى وهارون) إلى فرعون و يخبراه أنهما رسول رب العالمين ، ويفصحا عن مطلبهما
   
        "...  فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون" 15
        "فأتيا فرعون فقولا إنّا رسول رب العالمين" 16
"أن أرسل معنا بنى إسرائيل "      17

     وجرى بينهم ( حوار) والحوار هو وسيلة هامة ل (الإعلام)
       " قال فرعون ومارب العالمين"     23
        
     وكان رد موسى عليه السلام (حجة) ودليلا له فيما يبّلغ من رسالة(إعلامية) - 
        "  قال رب السماوات والأرض ومابينهما..."24
     "قال ربكم ورب آبائكم الأولين"   26

2- إعلام فرعون للناس-الشعب- وللسحرة : 
----------------------------------------
"..وابعث فى المدائن حاشرين"  36
"فجمع السحرة لميقات يوم معلوم "   38
وقيل للناس هل أنتم مجتمعون" 39

ثانيا: إبراهيم وقومه :
" إذ قال لأبيه وقومه ماتعبدون "   70
""قال هل يسمعونكم إذ تدعون"  72
  ...... فذكر إبراهيم عليه السلام (حجته)فتحدث عن ربه وقدرته سبحانه و تعالى

ثالثا: حوار نوح مع قومه :
وأيضا .. جرى (حوار) بينهم وطلب منهم  نوح عليه السلام أن يتقوا الله ويطيعوه- وهذه هى رسالة إعلامية لهم -

رابعا : والأمر نفسه حدث مع باقى الأنبياء هود وصالح ولوط وشعيب 

خامسا: الشعراء الذين آمنوا وعملوا الصالحات ( وليس الشعراء الذين يتبعون أهواءهم وشياطينهم )

القرآن الكريم وماسبقه من كتب سماوية هى وسائل إعلام إلهية للبشر

وكان أمر الله لرسوله صلى الله عليه وسلم ليعلم  البشر برسالته كما يلى :
                 1- البدء بأن  يبلغ عشيرته الأولين
                  2- أن يخفض جناحه لمن تبعه من المؤمنين
                   3-أن يبرأ من الكافرين
                    4- والأساس  أن يتجه إلى ربه ويستعين به ويتوكل عليه ويحرص على الصلاة .

{ وحقق رسول الله صلى الله عليه وسلم أرقى وسائل الإعلام والاتصال المتعارف عليها علميا وعمليا ودخل الناس من شتى بقاع العالم فى دين الله أفواجا ومازالت أعداد المتقبلين للإسلام فى زيادة باستمرار }
https://s-a-l-a-m.blogspot.com/2013/06/blog-post_13.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لنتدبر سورة ا\

من على "تويتر " !

 يعنى للذكرى ! فقد قيل أن "تويتر" سيتخلص مما عليه من أحمال (تغريدات سابقة) ! نعم نحن المسلمين مختلفون #المسلم أساس عقيدتنا"ا...